الشجرة ، فصلّى فيه الظهر ، وعزم بالحجّ مفردا ، وخرج حتى انتهى إلى البيداء (١) عند الميل الأوّل ، فصفّ له سماطان ، فلبّى بالحجّ مفردا ، وساق الهدي ستّا وستّين أو أربعا وستّين ، حتى انتهى إلى مكّة في سلخ أربع من ذي الحجّة (٢) ، فطاف بالبيت سبعة أشواط ، ثم صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليهالسلام.
ثم عاد إلى الحجر فاستلمه ، وقد كان استلمه في أوّل طوافه ، ثمّ قال : إن الصفا والمروة من شعائر الله ، فابدأ بما بدأ الله عزوجل ، وإن المسلمين كانوا يظنون أن السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون ، فأنزل الله عزوجل : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) (٣).
ثم أتى الصفا فصعد عليه ، واستقبل الركن اليماني ، فحمد الله وأثنى عليه ، ودعا مقدار ما يقرأ سورة البقرة مترسّلا ، ثم انحدر إلى المروة فوقف عليها ، كما توقف على الصفا ، ثم انحدر وعاد إلى الصفا فوقف عليها ، ثم انحدر إلى المروة حتى فرغ من سعيه.
فلما فرغ من سعيه وهو على المروة ، أقبل على الناس بوجهه ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : إنّ هذا جبرئيل ـ وأومأ بيده إلى خلفه ـ يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحلّ ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم ، ولكنّي سقت الهدي ، ولا ينبغي لسائق الهدي أن يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه».
__________________
(١) وهي أرض ملساء بين مكة والمدينة. «معجم البلدان : ج ١ ، ص ٥٢٣».
(٢) في سلخ أربع من ذي الحجة : أي بعد مضي أربع منه. «مجمع البحرين ـ سلخ ـ ج ٢ ، ص ٤٣٤».
(٣) تفسير القمّي : ج ٢.