الناقة واستريحوا منها ، لا نرضى أن يكون لنا شرب يوم ولها شرب يوم. ثم قالوا : من الذي يلي قتلها ، ونجعل له جعلا ما أحبّ؟ فجاءهم رجل أحمر أشقر أزرق ، ولد زنا ، لا يعرف له أب ، يقال له : قدار ، شقي من الأشقياء ، مشؤوم عليهم ، فجعلوا له جعلا ، فلمّا توجّهت الناقة إلى الماء الذي كانت ترده ، تركها حتى شربت وأقبلت راجعة ، فقعد لها في طريقها ، فضربها بالسّيف ضربة فلم تعمل شيئا ، فضربها ضربة أخرى فقتلها ، وخرّت إلى الأرض على جنبها ، وهرب فصيلها حتى صعد إلى الجبل ، فرغا ثلاث مرّات إلى السّماء.
وأقبل قوم صالح ، فلم يبق منهم أحد إلا شركه في ضربته ، واقتسموا لحمها فيما بينهم ، فلم يبق منهم صغير ولا كبير إلّا أكل منها.
فلمّا رأى ذلك صالح أقبل إليهم ، فقال : يا قوم ، ما دعاكم إلى ما صنعتم ، أعصيتم أمر ربّكم؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إلى صالح عليهالسلام : إنّ قومك قد طغوا وبغوا ، وقتلوا ناقة بعثتها إليهم حجّة عليهم ، ولم يكن عليهم فيها ضرر ، وكان لهم منها أعظم المنفعة ، فقل لهم : إنّي مرسل عليهم عذابي إلى ثلاثة أيّام ، فإن هم تابوا ورجعوا قبلت توبتهم ، وصددت عنهم ، وإن هم لم يتوبوا ولم يرجعوا بعثت عليهم عذابي في اليوم الثالث.
فأتاهم صالح عليهالسلام فقال لهم : يا قوم ، إني رسول ربّكم إليكم ، وهو يقول لكم : إن أنتم تبتم ورجعتم واستغفرتم غفرت لكم ، وتبت عليكم ، فلمّا قال لهم ذلك كانوا أعتى ما كانوا وأخبث ، وقالوا : يا صالح ، ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين.
قال : يا قوم ، إنكم تصبحون غدا ووجوهكم مصفرّة ، واليوم الثاني وجوهكم محمرّة ، واليوم الثالث وجوهكم مسودّة. فلمّا أن كان أوّل يوم أصبحوا ووجوهم مصفرّة ، فمشى بعضهم إلى بعض ، وقالوا : قد جاءكم ما