هم كأنفسهم خيرا ، لأن المؤمنين كلهم كالنفس الواحدة فيما يجري عليها من الأمور. فإذا جرى على أحدهم محنة ، فكأنها جرت على جماعتهم ، فهو كقوله : (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) ... وعلى هذا يكون خطابا لمن سمعه ، فسكت ولم يصدق ولم يكذب. وقيل : هو خطاب لمن أشاعه ، والمعنى : هلا إذا سمعتم هذا الحديث ، ظننتم بها ما تظنونه بأنفسكم ، لو خلوتم بها ، وذلك لأنها كانت أم المؤمنين. ومن خلا بأمه لا يطمع فيها ، وهي لا تطمع (وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ) أي : وهلا قالوا هذا القول كذب ظاهر.
٢ ـ (لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) أي : هلا جاءوا على ما قالوه ببينة ، وهي أربعة شهداء يشهدون بما قالوه. (فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ) أي : فحين لم يأتوا بالشهداء (فَأُولئِكَ) الذين قالوا هذا الإفك (عِنْدَ اللهِ) أي : في حكمه (هُمُ الْكاذِبُونَ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) بأن أمهلكم لتتوبوا ، ولم يعاجلكم بالعقوبة (لَمَسَّكُمْ) أي : أصابكم (فِيما أَفَضْتُمْ) أي : خضتم (فِيهِ) من الإفك (عَذابٌ عَظِيمٌ) أي : عذاب لا انقطاع له.
٣ ـ ثم ذكر الوقت الذي كان يصيبهم العذاب فيه لو لا فضله فقال : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) أي : يرويه بعضكم عن بعض ... وقيل : معناه تقبلونه من غير دليل ، ولذلك أضافه إلى اللسان. وقيل : معناه يلقيه بعضكم إلى بعض ... (وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً) أي : تظنون أن ذلك سهل ، لا إثم فيه (وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ) في الوزر ، لأنه كذب وافتراء.
٤ ـ ثم زاد سبحانه في الإنكار عليهم ، فقال : (وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ) أي : هلا قلتم حين سمعتم ذلك الحديث (ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا) أي : لا يحل لنا أن نخوض في هذا الحديث ، وما ينبغي لنا أن نتكلم