وبإسناده عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : إن الناس يقولون : إن القرآن نزل على سبعة أحرف. فقال : كذبوا أعداء الله ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد.
ومعني هذا الحديث معني سابقة ، والمقصود منهما واحد وهو : أن القراءة الصحيحة واحدة ، إلا أنه عليه السلام لما علم أنهم فهموا من الحديث الذي رووه صحة القراءات جميعا مع اختلافها كذبهم. وعلى هذا فلا تنافي بين هذين الحديثين وشيء من أحاديث الأحرف أيضا. (١)
قال المحقق الهمداني رضوان الله تعالى عليه في مصباح الفقيه : والحق انه لم يتحقق أن النبى صلى الله عليه وآله قرأ شيئا من القرآن بكيفيات مختلفة ، بل ثبت خلافه فيما كان الاختلاف في المادة أو الصورة النوعية التي يؤثر تغيرها في انقلاب ماهية الكلام عرفا كما في ضم التاء من أنعمت ضرورة أن القرآن واحد نزل من عند الواحد كما نطق به الأخبار المعتبرة المروية عن أهل بيت الوحي والتنزيل مثل ما رواه ثقة الإسلام الكليني ....
ولعل المراد بتكذيبهم تكذيبهم بالنظر إلى ما أوردوه من هذا القول مما يوجب تعدد القرآن ، وإلا فالظاهر كون هذه العبارة صادرة عن النبى صلى الله عليه وآله ، بل قد يدعى تواتره ، ولكن أعداء الله حرفوا عن موضوعها وفسروها بآرائهم ، مع أن في بعض رواياتهم إشارة إلى أن المراد بالأحرف أقسامه ومقاصده (٢) ، فانهم على ما حكي عنهم رووا عنه صلى الله عليه وآله
__________________
(١) الصافی ١ : ٦١.
(٢) وهذا القول لا يمس كرامة القرآن بأي وجه كان ، وهو عين القسم الآخر من الروايات غير