كان ممن اتصف بالأدب واشتهر به. وقد ترجمه الأمين المحبي الدمشقي في ذيل نفحته وقال في وصفه : أبدع من أجرى يراعا في مهرق ، وأبرع من وضع إكليلا على مفرق ، طلعت بدائعه على نسق ، فأرت نجوما زواهر تجلو ظلمة الغسق ، ما شئت من بر نافقة سوقه ، ومجد شارقة بسوقه ، وطبع ما شيب بجمود ، وذكاء ما شين بخمود ، شف في الآداب على جيله ، وزها جواد سبقه في غرته وتحجيله ، فساغ المنى أطوارا ، وفتق الدجى أنوارا ، فبشره يحدث عن منائحه ، كخرير الماء يحدث على مسائحه ، فكأن كل الأرواح إلى التروّح بمفاوضته شائقة ، ولولا حلاوة الشهد ما رغبت إليه ذائقة ، وهو مطمح أملي الذي به أستأنس بجدي * ورسمي ، وجرى مني أبعاض قلبي وأعشار جسمي ، فأصفى هواي كله إليه ، وصيرودي ما دام ودمت وقفا عليه. ومما أهدى إلي نهزة من إعجاله ، وخلسة ارتجاله ، قوله ينوه بي :
أنسيم الخزام من دار حبيّ |
|
يا سقاك الحيا وحياك ربي |
طالما حرك الغرام ادكاري |
|
قرب مسراك من معاهد صحبي |
فأعد أيها النسيم حديثا |
|
وإلى سرب ذلك الظبي سربي |
وامل عن لوعتي وفرط اشتياقي |
|
ما ألاقي واشرح له بعض كربي |
لهف قلبي وليت شعري أيجدي |
|
قول مأسور لحظه لهف قلبي |
رشأ بالشآم شمت عبير |
|
الورد من نحره فعطر لبي |
كان عشقي له بجارحة السمع |
|
جزاها العتبى بلا دخل عتب |
فأنا اليوم موسويّ الهوى من |
|
قبل رؤياه هائم العقل مسبي |
غير أني به على سنن الرق |
|
مقيم في حال بعدي وقربي |
إن يكن في هواه إطلاق دمعي |
|
جائزا قد رآه فالله حسبي |
فسقى جلّقا ولا غرو أن تختال |
|
في بردتين تيه وعجب |
كيف لا تدّعي على المدن فخرا |
|
بأمين فرد الزمان المحبي |
الإمام الهمام حامي حمى الآ |
|
داب بالفضل والندى والتأبي |
حاك وشيا من القريض عجيبا |
|
قصرت عنه همة المتنبي |
قلم في يديه كم حل صعبا |
|
وازدرى في مضائه كل عضب |
__________________
(*) هكذا في الأصل وفي سلك الدرر ، ولم أوفق إلى معناها. وفي ذيل النفحة : استأثر بحدي.