وذلك في أوائل ذي الحجة سنة ١٠١٩ :
سفرت وأرخت في الظلام ذوائبا |
|
فأرت صباحا ساطعا وغياهبا |
ورنت مغازلة بألحاظ الظبى |
|
فنضت من الأجفان عضبا قاضبا |
وغزت جيوش الإصطبار وصيّرت |
|
أهل الهوى في الحب عنها جانبا |
ورمت بسهم من كنانة جفنها |
|
عن قوس حاجبها لصب صايبا |
حوراء ترفل في مروط جمالها |
|
وتجر من فرط الدلال جلاببا |
صبّ الصبا ماء الشباب بعطفها |
|
فتمايلت طربا وملت مطاربا |
نشوانة الأعطاف تلعب بالنهى |
|
وترى الحسان الغانيات لواعبا |
من فرقها فلق الصباح ووجهها |
|
شمس الضياء بدت وأبدت حاجبا |
تفترّ عن شنب وظلم بارد |
|
تحويه في ثغر يريك كواكبا |
ما شمت بارق ثغرها إلا ولي |
|
دمع من الأجفان يهمي ساكبا |
رقّت حواشيها وراق حديثها |
|
فهما كنظمي رقة وتناسبا |
فرّطت في قلبي وأفرط عجبها |
|
فازددت فيها رغبة ورغائبا |
تختال في قشب البرود وتنثني |
|
كالغصن أثمر بالملاحة كاعبا |
سمح الزمان بليلة من وصلها |
|
وتراه يحبو فرصة ومواهبا |
بتنا ويجمعنا العفاف كأننا |
|
خمر بماء المزن أصبح شائبا |
حتى إذا سطع الصباح بنوره |
|
كأبي الوفاء يريك رأيا صايبا |
العالم العلم الذي أفكاره |
|
تنهلّ شرعا للورى ومذاهبا |
كنز الدقايق بحر كل فضيلة |
|
يبدي بمنهاج البيان مطالبا |
صدر الشريعة جامع لأصولها |
|
مفتاح حل المشكلات له نبا |
وترى سهام جداله برهانها |
|
قلب البغيض يغيض منه ذاهبا |
ويغوص منه الفكر لجة غامض |
|
فتراه يذري درّه وعجائبا |
ما سابق جاراه في ميدانه |
|
إلا انثنى لجواد كرب راكبا |
فخم سما أسنى العلا حتى ارتقى |
|
من فوق فرق الفرقدين مراتبا |
يلقاك مبتسما بثغر ضاحك |
|
وبمنطق يبدي رحيقا ذايبا |
يا بن الذي خضع الزمان لفضله |
|
والعلم جاء إليه يسعى طالبا |
هيهات يحصر حد فضلك ضابط |
|
وتراه يعجز فيلسوفا كاتبا |