الأحمدية بحلب ، في مسألة عرضت على شيخ الإسلام أبي الوفا العرضي رحمهالله تعالى : ما قول الأئمة الأعلام أئمة الدين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين في رجل شافعي المذهب وانتقل إلى مذهب الحنفي ، هل يترتب عليه شيء ، والحنفي إذا صار شافعيا هل يترتب عليه شيء ، وإذا قال أحد من علماء الحنفية : إذا انتقل أحد إلى مذهب الحنفية يلبس خلعة ، وإذا انتقل أحد إلى مذهب الشافعية يعزّر ، فهل هو كما قال أم لا؟ أفتونا ولكم بذلك جزيل الثواب من الملك الوهاب.
(الجواب) :
جميع أمة محمد صلىاللهعليهوسلم لا يلزمهم التمذهب بمذهب واحد ، فلكل واحد أن يكون حنفيا أو شافعيا أو مالكيا أو حنبليا. فلو فرضنا أن الآن ظهر ببلاد الإسلام عالم له قوة الاجتهاد فاتخذ مذهبا مستقلا مستنبطا من الكتاب والسنة والإجماع والقياس ونحو ذلك ، وقلده أحد من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم جاز له ذلك ، فإن الله تعالى لا يعذب أحدا عمل بمسألة فيها قول بعض الأئمة. فمن تحنف بعد ما كان شافعيا أو مالكيا أو حنبليا ، أو تشفع بعد ما كان حنفيا أو مالكيا أو حنبليا ، أو تملك بعد ما كان حنفيا أو شافعيا أو حنبليا ، أو تحنبل بعد ما كان حنفيا أو شافعيا أو مالكيا فلا ملام عليه في الدنيا ولا في الآخرة. وأما قول هذا الحنفي العالم القائل من تحنف بعد ما كان شافعيا يخلع عليه ، ومن تشفع بعد ما كان حنفيا يعزّر فكلامه باطل ونقله باطل ، وهو الكلام الخصم ، وكلام الخصم لا يكون حجة بطريق الحق ، والدليل لا يكون بالعصا ولا بالسيف ، ومن كان دليله ذلك فلا كلام لنا معه ، فكلامنا مع من يقول من غير تعصب. ولما دخل ابن بنت أبي حنيفة إلى البصرة قاضيا فقال : أريد أن أعزّر كل من خالف مذهب أبي حنيفة ، فقيل له حينئذ عزّر نفسك لكونك خالفت أبا حنيفة ، لأنه ما عزّر من خالف مذهبه. فمن كان حنفيا يعتقد مذهبه صوابا مع احتمال الخطأ ، ومن كان شافعيا عليه أن يعتقد أن مذهبه صواب مع احتمال الخطأ ، وكذلك المالكي والحنبلي رضوان الله عليهم أجمعين. كتبه أبو الوفا العرضي المفتي بمدينة حلب ، كذا وجد بخطه. ا ه.
وفي أوراق عندي فيها عدة قصائد يغلب على الظن أنها من ديوان سرور بن سنين المتقدم ذكره ، وهي بخط ناظمها ، من جملتها قصيدة في مدح المترجم ، وقد توّجها بقوله : وكتبت بها للعلامة التاجي أبي الوفا ابن شيخ الإسلام وعلم العلماء الأعلام ممتدحا له ،