وترجمه الشهاب الخفاجي في الريحانة فقال : (أبو الوفاء بن عمر العرضي) لقيني منه حبر مجيد ، وشاعر مجيد ، وأديب يضع القلادة في الجيد ، له فضل لم تنظر عين الدهر لمنافيه ، بل كلما أجال طرفه رأى كل المنى فيه. فإذا واد خصيب النوى والثمر ، وحديقة منمنمة الأطراف والطرر ، سقتها غمائم نداه ، وباكرها صيب جدواه ، بلا منة لحوامل السحائب ، ولا انتظار لقوافل الصبا والجنائب. صرف نقد أوقاته ، ورأس مال عمره وحياته ، في تحصيل ربح الفضل والعبادة ، وترك فضل العيش وفضول الناس لما رأى من تركهما من السعادة ورأى في كل بكرة وعشية ، حبلى جنين نوائبهما في مشيمة المشيّة. ولما شمت كرمه وسيبه ، وردت ربيعا زر عليه جيبه ، انتدب لملاقاتي وابتدر ، وخير أنوار الربيع ما بكر ، وكتب إلى مادحا ، ولزند فكري قادحا قوله :
أرى الشهباء للعليا قبابا |
|
ألم تر أفقها أبدى شهابا |
وقبل كست معالمها الدياجى |
|
مسربلة ذراها والهضابا |
وكدّر صفو منهلها قتام |
|
أحال شرابها الصافي سرابا |
وجرعها كؤوس الجور صرفا |
|
ولو سقي الغراب بها لشابا |
وكان الجهل متسع الفيافي |
|
يضل الألمعي بها الصوابا |
وضاق العلم ذرعا حين سدّت |
|
مناهجه وضاق بها رحابا |
تعللها المطامع كاذبات |
|
وكم عادت سحائبها ضبابا |
إلى أن حلها روح المعالي |
|
وطوّق عقد منّته الرقابا |
إمام العلم بحثا واكتسابا |
|
مشيد الفضل إرثا وانتسابا |
فواصلها بغير سباق وعد |
|
وفاجأها بنعمته احتسابا |
فأهلا بالذي منه استنارت |
|
معالمها وقد عزّت جنابا |
وقد وطئت على هام الثريا |
|
ونظّمت النجوم لها نقابا |
فقرّبها وقرّ بها ودادا |
|
وقرّ عيون أهليها اقترابا |
وقد ظفرت بكنز المجد حتى |
|
أحال التبر للذهب الترابا |
أفاض بحار كفيه علوما |
|
وأتبعها بمنطقه عبابا |
ونضر وجه روض الفضل لما |
|
سقاه من مواهبه ربابا |
قد ازدحمت بمورده عفاة |
|
الفضائل حين ما سال انصبابا |
وقد ملؤوا ركاياهم وراموا |
|
ذخائره انتهازا وانتهابا |