لأنهم يقولون ما لا يفهم معناه ، فقلت في ضميري : ما مرادهم بقولهم : هام هام؟ فخرج الشيخ من الحلقة وفرق الازدحام وجذبني من ثيابي وقال : نقول الله الله ، فوقعت مغشيا عليّ ، ثم لم أزل على اعتقادهم.
وكان في بني درهم ونصف رجل من الفضلاء يقال له المنلا يستهزىء بهم ويحقرهم ، فأشار إليه الشيخ محمد : تأدب تأدب ، فوقع مصروعا ، فوقعوا على الشيخ واستمروا مدة طويلة يترددون إليه حتى صفح وعفا وتواتر على المذكور الشفا ، كل ذلك ببركة الشيخ محمد.
وكان له خط حسن حتى ألف الشيخ محمد كتابا اسمه «المحمدية» ذكر فيه مواعظ وكرامات الأولياء ، واستطرد إلى ذكر الشيخ سعد الدين الجباوي وهو أستاذه. وكذلك صنف «مجالس وعظ» تشتمل على آيات قرآنية وأحاديث نبوية ومعان مهذبة ومسائل مرتبة. وكذلك والده الشيخ عمر ألف كتابا سماه «العمرية» ذكر فيه مناقب الشيخ سعد الدين. وله حلقة ذكر في الجامع الكبير بحلب يوم الجمعة فيها مائة رجل.
وكان صاحب الترجمة يلبس العمامة الكبيرة الخضراء والثياب المتسعة الأكمام الطويلة الأذيال ، وقد لبسوا الأخضر قبيل الألف بمدة قليلة أثبتوا أنسابهم إلى النبي صلىاللهعليهوسلم بواسطة الحسين سيد شباب أهل الجنة ، وكان من عادة الأشراف يربون لهم الشعور في رأسهم ، وكتب لهم نسب ومحضر شهد لهم بالنسب غالب الأعيان بحلب. ولما مات والده كان شابا له حدة مزاج ، فكان بعض الأعيان بباب النصر تشاجر معه ، فذهب إلى دمشق وأخبر الشيخ سعد الدين والد الشيخ محمد ، وكان المذكور مجذوبا لا يتمهل في الأمور ، فذكر له أن الشيخ أبا الوفا كان مع بعض نساء أجانب ، فقبض عليه حاكم البلدة وأخذ منه مالا ليلا وأنه لا يليق بالخلافة ، وعندنا رجل صالح عالم يقال له الشيخ عبد الرحيم اجعله خليفة واعزل الشيخ أبا الوفا واكتب للأعيان مكاتيب بعزله ، فكتب للشيخ عبد الرحيم أني جعلتك خليفة وعزلت أبا الوفا ، وكتب للقاضي بذلك وأن يمنع أبا الوفا من الذكر مع الفقراء ، فأحضره القاضي وأظهر له المكتوب ، فقال الشيخ أبو الوفا : أنا لست بخليفة له وإنما أخذت الخلافة عن والدي ووالدي عن والده. ثم ورد مكتوب من الشيخ سعد الدين إلى المريدين والنقباء أن من تبع أبا الوفا فهو مطرود من طريقتي ، ومن تبع الشيخ عبد الرحيم فهو مقبول عند الله وعندي. ومع ذلك استمرت