واجتمعت عليه المجاذيب من أقطار الأرض يخاطب الرجال بخطاب النساء ، وجميع أهل حلب والمترددون إليها يبالغون في اعتقاده والتبرك به والأخذ من أنفاسه المباركة. ما اجتمعنا بأحد اجتمع به إلا أخبرنا عن مكاشفاته ومناقبه المرات المتعددة.
وكان والدي يحبه ويعتقده ويلازم زيارته وتقبيل يديه ، حتى قال لي : يا شيخ وفا ، ما رأت عيني في الكشف والإخبار عن الغائبات مثل الشيخ أبي بكر. قال : وأخبرنا الوالد أنه طلب منه علي أفندي بن سنان الاستسقاء بالناس لقلة المطر ، قال : فقلت : تصبر إلى أول الشهر ، ثم سرت إلى الشيخ أبي بكر فجئت لأقبل يديه ، فامتنع وأظهر الغضب الشديد عليّ وكدر من في المجلس ، ثم احمر وجهه وتفجرت عيناه فكان يصفق ويقول : آه آه ، فما مضى ساعة إلا والمطر كأفواه القرب ينصب من السماء ، فأخرجني في الحال ولم يصبر علي وأخذ يصفق ويصفق معه الناس فرحا ، ثم أخرج والدي شدة المطرة.
وأخبرنا الشيخ يوسف الأنصاري أنه سلط عليه علي باشا ابن الوند سبعا كان جوّعه يومين أو أكثر وأطلقه عند باب مسجد الشيخ أبي بكر والشيخ ثابت ، حتى جلس السبع بين يديه والشيخ يضحك عليه ، ثم أعطى بعض دراويشه دراهم ثمن معاليق وحلاوة ، فجيء بهما فأعطى الشيخ الحلاوة للسباع * وأطعم المعاليق بيده للسبع ، حتى كان الشيخ رضياللهعنه يلقم السبع المعلاق من غير مبالاة.
مناقبه وكراماته :
قال : اعلم أن الشيخ رضياللهعنه قد أجمع الخاص والعام في حياته وبعد مماته على محبته واعتقاده ، ولم يبق في الشهباء ودائرتها من ينكر عليه ، واتفق الجميع على محبته وإكرامه وتعظيمه خصوصا في حال حياته ، فقد أقبل عليه أهل بلدته قاطبة عالمها وجاهلها وكبيرها وصغيرها وغنيها وفقيرها وحكامها من الوزراء وغيرهم ، فإنهم كانوا جميعا يهرعون ويتبركون بتقبيل يديه ، وظهرت كراماته عندهم ظهور الشمس في رابعة النهار. وكان إذا ذكر في المحافل والمجالس ذكر له كل واحد من الحاضرين كرامة وقعت له معه أو سمعها ممن شاهدها أو سمعها منه. وأجمع الناس على كونه ولي الله بلا نزاع.
وشهد بولايته القطب الكبير سيدي الشيخ محمد البكري الصديقي المصري والشيخ
__________________
(*) لعل الصواب : للأتباع.