بالتصرّف في أموالهم ، ولا نعني بالملكية إلّا هذا.
ولكن قد يقال : بعدم إمكان الالتزام بهذا الظاهر ؛ فإنّه كاد أن يكون مخالفا للضرورة ، ولم ينقل عن أحد من الأصحاب التعبّد بهذا الظاهر عدا ابن أبي عمير في ما حكاه عنه السندي بن الربيع حيث قال ـ على ما نقل عنه ـ : إنّه ـ أي ابن أبي عمير ـ لم يكن يعدل بهشام بن الحكم شيئا ، وكان لا يغبّ إتيانه ، ثم انقطع عنه وخالفه ، وكان سبب ذلك أنّ أبا مالك الحضرمي كان أحد رجال هشام وقع بينه وبين ابن أبي عمير ملاحاة (١) في شيء من الإمامة ، قال ابن أبي عمير : إنّ الدنيا كلّها للإمام على جهة الملك ، وأنّه أولى بها من الذين في أيديهم ، وقال أبو مالك : أملاك الناس لهم إلّا ما حكم الله به للإمام من الفيء والخمس والمغنم ، فذلك له ، وذلك أيضا قد بيّن الله للإمام ـ عليهالسلام ـ أين يضعه وكيف يصنع به ، فتراضيا بهشام بن الحكم وصارا اليه ، فحكم هشام لأبي مالك على ابن أبي عمير ، فغضب ابن أبي عمير ، وهجر هشاما بعد ذلك (٢).
ولكنك خبير بأنّ الملكيّة الّتي قصدت بهذه الرّوايات ليست ملكيّة منافيّة لمالكيّة سائر الناس لما جعلهم الله لهم كسهمهم من الخمس ، بل ملكيّة من سنخ ملكية الله تبارك وتعالى لما في أيديهم ، فقضيّة التعبّد بظاهر هذه الروايات هو الالتزام بأنّ حال سائر الناس بالنسبة الى ما بأيديهم من أموالهم بالمقايسة إلى النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ وأوصيائه ـ عليهمالسلام ـ حال العبد الّذي وهبه مولاه شيئا من أمواله ، ورخّصه في
__________________
(١) الملاحاة : المنازعة. الصحاح ٦ : ٢٤٨١.
(٢) الكافي ١ : ٤٠٩ ـ ٤١٠ ذيل الحديث ٨ وفيه : السري بن الربيع ، وما في المتن كما في الجواهر ١٦ : ٤.