الاغتسال ، لا خصوص الترك المسبوق بالعزم عليه ، كما أنّه بهذا المعنى يصح أن يفسّر تعمّد البقاء على الجنابة بالعزم على عدم الغسل ، كما في عبارة المدارك ، وإلّا فمن الواضح أنّ المراد بتعمّد البقاء في هذا المبحث ، هو : ترك الغسل اختيارا ، ولا يتوقّف ذلك على العزم على ترك الغسل ، بل على عدم إرادة فعله ، ولا ملازمة بينهما ؛ لأنّ العزم على الترك لا بدّ أن يكون من سبب ، فربما لا يكون في نفسه ما يقتضيه ، ولكنه لا داعي له إلى فعله ، بمعنى أنّ غاياته التي يتصوّرها ـ كتوقّف الصوم عليه ونحوه ـ لا تبعثه على إرادة فعله ، فلا يحصل له العزم عليه ، ولكن يجوز أن يشتدّ شوقه إلى تحصيلها فيفعله ، فهو بالفعل ليس بعازم للفعل ولا للترك ، ولا يصدق عليه اسم المتردّد أيضا ؛ إذ التردّد إنّما يصدق في ما لو حصلت المعارضة بين دواعي الفعل ودواعي الترك ، فيتحيّر في الترجيح.
ويحتمل أن يكون عدوله عن التعبير بعدم العزم على الغسل إلى التعبير بالعزم على تركه ؛ للتنبيه على خروج الغافل والناسي عن موضوع الكلام في هذا المقام ؛ فإنّ عدم نيّة الغسل قد يجامع الغفلة والنسيان ، ومعه أيضا وإن كان يسقط اعتبار النوم ؛ إذ مع الغفلة والنسيان ، لا يتفاوت الحال بين أن ينام أو يبقى مستيقظا في خروج ترك الغسل الموجب لبقائه جنبا اختياريّا له ، ولكن هذا الفرض يندرج في موضوع المسألة الباحثة عن حكم الناسي أو الجاهل بالحكم أو الموضوع ، والمفروض في المقام ما كان الترك لا من حيث الغفلة والنسيان ، بل من حيث النوم بحيث لو لا النوم لكان داخلا في موضوع متعمّد البقاء حقيقة.
ومن هنا يظهر صحة الاستدلال عليه : بما ذكره المصنّف ـ رحمهالله ـ