بالهواء أو بغيره من الآلات.
ولكن مراد الأصحاب القائلين ببطلان الصوم بإيصال الغبار إلى الحلق ليس خصوص هذا الفرض ، بل هذا الفرض خارج عن منصرف كلماتهم ، وإنّما المتبادر من كلماتهم إرادة بيان الحكم في مثل ما لو كنس بيتا أو دخل مكانا مغبرا من غير أن يتحفّظ عنه حتى يصل إلى جوفه ، لا ما كان عنوان الإيصال إلى الجوف مقصودا له بفعله ، ففي مثل هذا الفرض لا ينبغي الارتياب في عدم صدق اسم الأكل والشرب عليه ، فيتّجه الالتزام بعدم مفطريّته.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّا لو التزمنا ببطلان الصوم في الفرض الأوّل ، وهو : ما لو كان المقصود بفعله التوصّل إلى إيصال ما يثأر منه الغبار إلى جوفه ، وجوب الالتزام به في هذا الفرض أيضا ، فإنّ حاله حينئذ حال المشي تحت المطر الذي يعلم بدخوله في حلقه لو لم يتحفّظ عنه ، فإنّه وإن لم يصدق عليه عرفا اسم شرب ماء المطر ، ولكنه بحكمه في إبطال الصوم جزما ، فالأظهر عدم الفرق بين الفرضين ، وبطلان الصوم في كليهما ، ولكن بشرط كون ما يصل إلى الجوف من الأجزاء باقيا على حقيقته عرفا ، غير مستهلك في الهواء بحيث يصدق عليه عرفا إيصال ذلك الشيء إلى الجوف بالتسبيب ، كما في المشي تحت المطر في المثال المفروض ، ولا يكون ذلك كذلك إلّا في الغبار الغليظ المشتمل على أجزاء محسوسة معتدّ بها عرفا ، وهذا ممّا لا ينبغي التأمّل في مفطريته.
مع أنّه لم ينقل [عنهم] (١) التصريح بعدم البطلان بالغبار الغليظ ، بل عن ظاهر غير واحد أو صريحه : دعوى الإجماع عليه ، فلا يبعد أن
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق.