على إبطال العمل ونقضه حدوثا وبقاء ، فكما يمتنع أن يجتمع في ابتداء الأخذ في صلاة الظهر ـ مثلا ـ العزم على فعلها على وجه يطابق أمرها ، ويسقط به التكليف المتعلّق بها مع العزم على إبطالها في الركعة الثانية مثلا ، فكذا يمتنع بقاؤه بعد حدوث العزم في الأثناء ، ولا يعقل أن تؤثّر تلك الإرادة السابقة المنتقضة بالعزم على إيجاد المبطل في انبعاث الأجزاء المجامعة مع هذا العزم عن تلك الإرادة ؛ كي يتوهّم أنّ المضادّة بين القصدين توجب ارتفاع نفس تلك الإرادة عند حدوث هذا العزم لا أثرها الذي نسمّيه بالاستدامة الحكمية التي اعتبروها في صحّة العبادة.
فما في الجواهر من التفصيل بين نيّة القطع التي هي بمعنى إنشاء رفع اليد عمّا تلبّس به من الصوم ، وبين نيّة القطع بمعنى العزم على ما يحصل به ذلك ، فجزم بالبطلان في الأوّل ؛ لخلوّ الزمان المزبور عن النيّة ، فيقع باطلا ، وقوّى الصحّة في الثاني استصحابا للصحّة السابقة التي لم يحصل ما ينافيها (١) ، لا يخلو عن نظر.
وقد تقدّم في باب الصلاة (٢) أيضا حكاية القول بهذا التفصيل عن بعض ، وأشرنا هناك أيضا إلى ضعفه ؛ لاستحالة بقاء العزم على فعل عبادة امتثالا لأمرها مع العزم على إبطالها ، وعدم إتمامها.
ولكن منع في الجواهر اعتبار بقاء هذا العزم حال التلبّس بإجزاء العبادة ، فقال : ودعوى كون المعتبر في الصحّة العزم في سائر الأزمنة على الامتثال بالصوم في سائر أوقات اليوم : لا نعرف لها مستندا (٣).
وفيه : أنّه لا يعتبر في صحّة شيء من العبادات عدا حصوله بقصد
__________________
(١) جواهر الكلام ١٦ : ٢١٥.
(٢) تقدم في كتاب الصلاة : ٢٣٥ (الطبعة الحجرية).
(٣) جواهر الكلام ١٦ : ٢١٥.