سنته ، فإذا فضل بعد ذلك شيء أخرج منه الخمس من قليله وكثيره.
وأيضا فالمئونة لا يعلمها ولا يعلم كميّتها إلّا بعد مضيّ سنته ، لأنّه ربّما ولد الأولاد أو تزوّج الزوجات ، أو انهدمت داره ومسكنه ، أو ماتت دابّته التي يحتاج إليها ، أو اشترى خادما يحتاج إليه ، أو دابّة يحتاج إليها إلى غير ذلك ممّا يطول تعداده وذكره ، والقديم تعالى ما كلّفه إلّا بعد هذا جميعه ، ولا أوجب عليه شيئا إلّا في ما يفضل عن هذا جميعه طول سنته (١) انتهى.
ويتوجّه على الوجه الذي ذكره أوّلا : أن ليس المراد بما بعد المئونة الواردة في النصوص والفتاوى التأخّر الزماني حتى يكون مفاده توقيت وجوب إخراج الخمس بما بعد زمان صرف المئونة ، وإلّا لم يكن فيه دلالة على متعلّقه ، بل التأخّر الرتبي ، وبيان عدم وجوب الخمس إلّا في الزائد عمّا يصرفه في المئونة ، فلا يفهم منه إلّا تخصيص عموم ما دلّ على ثبوت الخمس في الأرباح بما عدا المئونة ، لا تقييد إطلاقه بما بعد زمانها.
ولكن الذي يقتضيه الإنصاف أنّه لا يبعد أن يدّعى أنّ المتبادر من بعض أخبار المئونة ـ كقوله ـ عليهالسلام ـ في خبر النيسابوري ، الوارد في ما بقي من أكرار الحنطة : «لي منه الخمس ممّا يفضل عن مئونته» (٢) وقوله ـ عليهالسلام ـ : «بعد المئونة» الواقع جوابا عن السؤال في مكاتبة البزنطي عن أنّ الخمس أخرجه قبل المئونة أو بعد المئونة؟ ـ إنّما هو إرادته في الباقي عنده بعد صرف المئونة (٣) ، إلّا أنّه لوروده في مقام بيان ما يجب فيه
__________________
(١) السرائر ١ : ٤٨٩.
(٢) التهذيب ٤ : ١٦ / ٣٩ ، الإستبصار ٢ : ١٧ / ٤٨ ، الوسائل : الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس ، الحديث ٢.
(٣) الكافي ١ : ٥٤٥ / ١٣ ، الوسائل : الباب ١٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس ، الحديث ١.