وفي المدارك : المشهور بين الأصحاب وجوب الخمس في جميع أنواع التكسّب من تجارة وصناعة وزراعة وغير ذلك عدا الميراث والصداق والهبة (١) ، انتهى. ولا يخفى ما في هذا الاستثناء ـ إلى غير ذلك من كلماتهم التي ربما يظهر من بعضها إناطة الحكم بصدق عنوان الاستفادة ، ومن أغلبها بصدق عنوان التكسّب.
وكأنّ مراد الجميع أو الأغلب ـ على ما يظهر بالتدبّر في كلماتهم ـ هو الفوائد الحاصلة من وجوه المعاملات ، أو من كدّ يمينه ، أو من أمواله المعدّة للاستفادة باجرتها أو نمائها من عقار أو حيوان أو غير ذلك ، فإنّها بأسرها من وجوه التكسّب وإن لا يطلق في بعضها على فاعلها عرفا اسم الكاسب ، دون ما يدخل في ملكه بغير هذه الأسباب ، كالإرث والصدقة والصداق والعطيّة ونحوها ، فإنّه خارج عن موضوع كلماتهم جزما.
واحتمل شيخنا المرتضى ـ رحمهالله ـ إرادتهم بالاستفادة والتكسّب مطلق ما يملكه ولو بإرث ونحوه ـ مع اعترافه بمخالفته لظاهر عناوينهم ـ نظرا إلى ما في كلمات جملة منهم ممّا يستشعر منه إرادة الأعمّ (٢).
وفيه : أنّه يمتنع عادة إرادة ثبوت الخمس في مثل الإرث والهبة مع عموم الابتلاء بهما وكونهما من أشيع ما يملكه الإنسان ، من غير تصريح به ، فضلا عن تأديته بمثل هذه العبارة الظاهرة في خلافه.
كيف ، ولو كان هذا مرادهم لم يكن وجه ـ يعتدّ به ـ لحصرهم الخمس في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكية في أقسام معدودة ؛ كي يوهم ذلك خلاف مقصودهم ، بل كيف يحتمل كون كلّ الأصحاب أو جلّهم
__________________
(١) مدارك الأحكام ٥ : ٣٨٤.
(٢) كتاب الخمس : ٥٣١.