إحدى وستين ومائة وقد جاوز الثمانين سنة كما أفادني بذلك من لفظه. ا ه.
١٠٦٩ ـ محمود بن عبد الله الأنطاكي المتوفى سنة ١١٦١
محمود بن عبد الله الأنطاكي الحنفي ، الفاضل العلامة والكامل الفهامة ، خاتمة المحققين المشهور في بلاد الروم بسلطان العلماء.
مولده بأنطاكية سنة (لم يذكر) وقرأ على مفتيها العلامة علي أفندي والد السيد محمد أفندي جلبي مفتي أنطاكية وحلب ، ثم حج وجاور بمكة المكرمة أربع سنين وقرأ على أفاضلها ، ثم ارتحل لمصر وجاور في أزهرها سنين ، ثم قدم أنطاكية ومكث بها مدة ، وسافر إلى إسلامبول فلم يطب له بها المقام ، فكر راجعا إلى وطنه ، وارتحل إلى بلاد الأكراد فأقام بها مدة ثلاث سنوات قرأ بها على ملا حيدران وملا محيي الدين الآلات كالمنطق والحكمة وأتقن جميع العلوم.
وحكى رحمهالله تعالى أنه كان في مدة إقامته ببلاد الأكراد يتجزى طول السنة بستة قروش ترسلها له والدته من ثمن غزلها ، قال : وكانت الوالدة إذا غزلت تقول وهي تدير الدولاب عند كل دورة : اللهم زد علم محمود ، وكان هذا وردها ودأبها.
قال : واتفق في أثناء إقامتي ببلاد الأكراد نفد ما معي وأبطأت عليّ الستة قروش ، فأتيت باب المدرسة فرأيت على عتبة الباب عثمانيا ، فأخذته واكتفيت به ذلك اليوم لكثرة الرخا هناك ، ثم ثاني يوم رأيت العثماني في ذلك المكان ، فأخذته ، ثم في ثالث يوم كذلك ، فلما كان اليوم الرابع وصلتني الستة قروش ، فذهبت إلى المدرسة فلم أر شيئا ، فعلمت أن ذلك كرامة من والدتي.
ثم إنه عاد إلى بلدته ولازم الإفادة بها حتى طار ذكره في الآفاق وشدت إليه الرحال وتفوق على النظراء والأقران مدة تزيد على عشر سنين.
وكان عمّر الوزير عثمان باشا الدوركي جامعه الرضائية والمدرسة وأرسل أحضر لها مدرسا من عينتاب العلامة الشهير تاتار محمد أفندي ، فاستقام مدة أربعة أشهر ، ثم استعفى لقلة الوظيفة ورجع لبلدته ، فاستدعى الوزير المشار إليه صاحب الترجمة للتدريس ، فامتنع ، ثم بعد الإلحاح قدم لحلب سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف ، وكان دخلها مرارا ، فأكرم