وقال الإمام أبو المحاسن يوسف الحنفي : عن ابن عباس (لا وحي إلاّ القرآن) ما قاله رأيا بل توقيفا ، وليس فيه ما يدفع أن يوحى إلى النبي صلى الله عليه[وآله] وسلم بأشياء كثيرة ليست في القرآن ، ويكون معنى قوله لا وحي إلاّ القرآن نفسه وما أمر به القرآن مما لم يقله إلاّ بالقرآن ، لأن الله عزّ وجلّ قال لنا فيه (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) (١) إلى قوله ومعه من السنة ما قد كان معه التي منها الوحي الذي يوحي إليه مما ليس هو بقرآن؛ لأن ما كان معه من ذلك عن النبي صلى الله عليه[وآله] وسلم داخل في القرآن إذ كان قبولهم إياه منه صلى الله عليه[وآله] وسلم بأمر القرآن إياهم به يحتمل أن يكون قو ـ له لا وحي سوى القرآن من باب لا عالم سوى فلان ، يعني هو في أعلى مراتب العلم وكل عالم سواه دون رتبته ، لا أن لا عالم أصلا سواه ، ومثله لا زاهد إلاّ عمر بن عبد العزيز ، وفي الدنيا زهاد كثير إلاّ أنهم لم يقدروا من الدنيا على مثل ما قدر هو فرسه فيها (٣).
قال الإمام أبو بكر الجصاص : ويدل على أن مراده كان كما وصفنا ، أنه قال : لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبته في المصحف ، فلو كان عنده آية من القرآن لكتبها فيه ، قال الناس ذلك أو لم يقولوه فهذا يدل على أنه لم يرد بقوله : إن الرجم في كتاب الله أنه من القرآن.
وروي عنه أنه قال : إن الرجم مما أنزل الله وسيجيء قوم يكذبون به
__________________
(١) الحشر : ٧.
(٢) معتصر المختصر٢ : ٣٦٨.