حتى تزوجها وولد له ولد (١) منها في بنين آخرين من غيرها صاروا رجالا ذوي مناصب في حياته.
ثم اشتهر أمره وبعد صيته في النصح للسلطنة فصار بحيث تفوض إليه التفاتيش العظام.
ثم بدا له أن ينشىء له دارا عظيمة بحلب فاشترى دور بني الإصبع داخل باب النصر وبيوتا أخرى وجعل الكل دارا واحدة لها دوار واسع وبها حمّام لطيفة ، وبذل على عمارتها وترخيمها أرضا وجدارا وفي أعمدتها وفصوصها ومنجورها ومنقوشها بالذهب واللازورد ، وفي قاشانيها وما ركبه ببحرتها من الفوّارات الفضية وما غرسه بجنينتها من أشجار السرو وغيره ما ينوف عن خمسة وعشرين ألف دينار كبير سلطاني وهي بعد لم تكمل ، وطلب مني ما يكتب في صدر إيوانها وإيوان قاعتها فكتبت له قولي :
أيها الماكثون بالإيوان |
|
من عظام الإخوان والخلان |
أذكروا جنة النعيم وداني |
|
ما بها من قطوف دوح التداني |
وارغبوا في الدنو منها بصدق |
|
وخلوص فليس قاص كداني |
هذه صورة تشير لمعنى |
|
تجتنيه فهوم أهل المعاني |
وطلب مني ما يكتب على باب قبتين فكتبت له :
هذه روضة تناظر أخرى |
|
للتهاني ونزهة المقلتين |
من جنى من جنى التهاني بكل |
|
فليكن ذاكرا جنى الجنتين |
وفي سنة سبع وستين كان توجهه إلى الباب الشريف بالخزائن الحلبية وفيها عاد مكرما من قبل صاحب السلطنة بالإذن منه في أن لا يعود من طريق قونية التي بها ولد المقام الشريف
__________________
(١) قوله : حتى ولد له ولد ، كتب الشيخ إبراهيم بن أحمد الملا في هامش نسخته ما نصه : أقول : هو والد حسين بك ، ثم إن الأمير جان بلاط غضب على والدته فقتلها ، وقد نشأ بعده ولده حسين بك هذا وحصل كمالات علمية وشارك في عدة فنون سيما علم الهيئة والميقات وحل الزايرجة وألمّ بالأوفاق ونحو ذلك إلى أن ولي سنجق كلّز وتقدم على أخيه الأمير حبيب مع أنه أسن منه وأكبر ، وعظم شأنه وكبر قدره إلى أن صار بكلر بكيا بطرابلس ثم بحلب ، إلى أن وقع له ما وقع مع نصوح باشا بسبب بكلر بكية حلب ، فحاصرها ودخلها رغما عليه وحكم بها شهورا إلى أن قتله سنان باشا ابن جغال السردار يومئذ بعد أن ولاه حلب ، فتولى عنه لما ظهر منه من الشناعات والإفحاشات في محاصرة حلب ، وكان قتله سنة خمس عشرة وألف ا ه.
أقول : قدمنا في الجزء الثالث (في ص ١٨٧) أخبار حسين بك وذكرنا ثمة أن قتله كان سنة ١٠١٤ والله أعلم.