المعمر زين الدين الشهير بالهرساني ، قالا : حدثنا حافظ الإسلام زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم العراقي قال : حدثنا الشيخ أبو علي عبد الرحيم بن شاهد الحلبي قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن المبارك الزيدي بسنده المشهور.
ثم ولي بقعة الحنابلة بجامع حلب عن العلاء ابن الدغيم الحنبلي. ومما اتفق لي وله أن اجتمعنا ذات يوم في بعض المحافل فوقع هناك كلام اقتضى بحسب المناسبة أن يذكر المثل المشهور «مكره أخاك لا بطل» فذكره كأنه يحركني للكلام في إعرابه ، فأنشدته قول القائل :
إن أباها وأبا أباها
قائلا : إن ذاك مثل هذا ، فقال : نعم ، ولكن أقصد ما فهمت.
ثم اجتمعت به مرة عند مولاي الرشيد ابن سلطان تونس إذ دخل حلب فجرى ذكر بني أميه ، فأوردت أن من المفسرين من ذهب إلى أن الشجرة الملعونة في القرآن هي بني أمية ، فتغير لذلك ، فقلت : سبحان الله. قد قيل ما قبل والعهدة على قائله ، فطلب صاحب المجلس مني النقل فأحضرت من تاريخ أبي الوليد ابن الشحنة.
ومما وقع له أن انتدب إلى صلاة الاستسقاء والخطبة في بعض السنين ، فصلى وخطب يومين فحصر على القراءة فيهما ، إلا أنه استسقى في خطبته بإنشاد أبي طالب قوله :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ثمال اليتامى عصمة للأرامل |
فما كان آخر النهار إلى وسقي المسلمون بمن الله تعالى.
ولم يزل بحلب وله الكلمة النافذة على المغاربة القاطنين بحلب يفتي ويدرس ويتجر ويتعاطى صنعة الكيميا بجد وجهد فيها إلى أن كان كافلها فرهاد باشا ، وكان يهوى الكيميا ، فصحبه وأتلف عليه مالا جيدا. ولما قدم الشيخ عبد الرحمن البتروني وتحنف وأعطي إمامة الحنفية بالجامع الكبير بعرض قاضيها ندب فرهاد باشا في طلب عرض من القاضي بها ، فأبى القاضي معتذرا بسبق عرضه للشيخ عبد الرحمن ، فأخذ بعد مدة في القدح فيه بأمور منها أنه ادعى حياة رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع أنه لا قدح بذلك ، وأن الأنبياء أحياء عند ربهم يرزقون ، حتى قيل في قوله صلىاللهعليهوسلم : (كأني أنظر إلى موسى