فلو كلفت يوم الأمس عودا |
|
لخاض الليل واختار الرجوعا |
ولو ناديت سهما في هواء |
|
لعاد القهقرى وأتى سريعا |
يضم البرد منك أخا فخار |
|
يبيت الليل لا يدري الهجوعا |
وإني من بجودك قد ترقى |
|
وحل من العلا حصنا منيعا |
خلقت على الوفاء لكم مقيما |
|
وأوفى الناس من حفظ الصنيعا |
ومما طارحني به في جملة مطارحاته أنه لما كان مر بدمشق قاصدا الحج شغف بأحد أبناء سراتها وكان من الأشراف ، قال : ثم فارقته وتباكينا عند التوديع ، فكتبت إليه من الطريق مضمنا بيت البحتري فقلت :
يا آل بيت المصطفى هل رحمة |
|
لفؤاد مشبوب الجوانح ثائر |
ضلت نواظره الرقاد وما اهتدت |
|
ببياض دمع من سواد ضمائر |
دمع تعلق بالشؤون فساقه |
|
زفرات برح من جوى متخامر |
لو تنظرون إلى الشتيت وسربه |
|
يقفو سروب زواخر وزوافر |
لعذرتموه وماله من عاذل |
|
وعذلتموه وماله من عاذر |
واها لأيام تقضت خلسة |
|
في ظل دوح بالسيادة ناضر |
دوح عليه من النبي محمد |
|
وضح الصباح ونفح روض باكر |
لم أنسه يوم الوداع وطرفه |
|
يرنو إلى شعث النجيب الضامر |
وفعاله تبدي نفاسة عرفه |
|
في فضل وجه بالسماحة زاهر |
حتى إذا جدت بنا ذلل النوى |
|
والعين تسفح بالنجيع المائر |
سرنا وعاود كالمقيم وربما |
|
كان المقيم علاقة للسائر |
وما زال مدة إقامته يعمل حيله ويصطنع خدعه ليحصل على أرب فما نهض به حظ ، واستمر إلى أن سافر السلطان محمد إلى جهة أدرنة في سنة تسع وثمانين وألف وتبعه الوزير ، فلحقهم واستمر معهم مدة خمسة وعشرين يوما ، ثم قدم إلى إستانبول وأشاع أنه أعطي قضاء القدس والتفتيش على الأشراف ببلاد العرب ، وأقام أياما قليلة ، ثم سافر والتزم التفتيش من حين دخوله إلى بلده حلب إلى أن دخل القاهرة من طريق الساحل ، وأراد أن يفعل ذلك في القاهرة فلم يمكنوه ، وربما أرادوا إيقاع مكروه به ، فخرج حاجا ، ثم