إلى أن تولى الليل قائد جيشه |
|
وراح سهيل الأفق يقدمه طرفا |
وقفنا وأدمينا المحاجر برهة |
|
فسالت نفوس في مهارقنا ذرفا |
وسار مسير البدر يطوي منازلا |
|
على أنه لا محق فيه ولا خسفا |
فأودعني منه تعلة وامق |
|
وزفرة وجد لم تكد أبدا تطفا |
أسر بتجديد الهوى ذكر عهده |
|
وإن كنت لا أقوى لأعبائه ضعفا |
عدمت فؤادا لم تبت فيه لوعة |
|
من العشق تذكيه لواعجها لهفا |
أبيت ولي قلب يقلب في الجوى |
|
فللشوق ما أبدى وللوجد ما أخفى |
ويذكرني عهد التصابي مغرّد |
|
من الشجو يتلو في أغاريده صحفا |
كلانا غريب يشتكي فقد إلفه |
|
فيبكي وحق الإلف أن يبكي الإلفا |
تعللنا الآمال وهي كواذب |
|
ومن دونها وعد نرى دونها خلفا |
فليت الهوى فينا رخاء صنيعه |
|
ولم يبق رحما من لدينا ولا عطفا |
فنفرغ من كل الأماني لمدح من |
|
به صح جسم الفضل من بعد ما أشفى |
هو ابن الحجازيّ الرفيع جنابه |
|
أعز الورى جاها وأعلاهم كهفا |
فتى طابت الدنيا بحسن خصاله |
|
ولم يبق فيها الدهر خطبا ولا صرفا |
تثقفت الآراء منه بأروع |
|
يخيف الضواري حيث ما اقتحمت حرفا |
ويفترّ عن لألاء بشر كأنه |
|
مقّبل شاد لا تمل به الرشفا |
فما روضة قد فاح نشر عبيرها |
|
بأطيب يوما من خلائقه عرفا |
تحلت به الأعناق عقد مواهب |
|
إذا ما هطلن استحيت المزنة الوطفا |
فما تنطق الأفواه إلا بمدحه |
|
ولا ترفع الآمال إلا له كفا |
فديتك يا من لو صرفت لمدحه |
|
جميع وجودي رحت أحسبه قذفا |
وأحقر فيه المدح حتى لو انه |
|
تجاوز ضعف الضعف بل مثله ضعفا |
فيا أيها المولى الذي عم جوده |
|
ومن عشت دهرا لم أفارق له عطفا |
لرحماك أشكو من زماني حوادثا |
|
أبادت بقايا الصبر من جلدي عنفا |
فما كنت إلا الشمس في فلك العلا |
|
تعدى عليها البين فانمحقت كسفا |
حنانيك فالحظني بنظرة مشفق |
|
تنبه مني الحظ من بعد ما أغفى |
ودونكها ورقاء في روض محتد |
|
تقلد إذن الدهر من درها شنفا |
تود نجوم الأفق لو كن منطقا |
|
لها وكلا البدرين يشطرها وحفا |