قلت : وقد مدحه بعض الأدباء بقوله :
إذا رمت تلقى ذات علم تكونت |
|
وتروي حديث الفضل عن أوحد الدهر |
فعرج على ذات العواصم قاصدا |
|
سليل المعالي نجل الكرام أبا بكر * |
دأب في تحصيل المعارف حتى رقي ذروة في الفضل علية ، وكان أكثر اشتغاله على والده ، وقرأ على غيره ، وتعانى صناعة النظم ، وشعره حسن الرونق بديع الأسلوب. وأخبرني من كان يدعي معاشرته وله وقوف على حاله أن أكثر شعره منحول من شعر والده.
ومن جيد شعره قوله من قصيدة :
لاح الصباح كزرقة الألماس |
|
فلتصطبح ياقوت در الكاس |
من كف أهيف صان ورد خدوده |
|
بسياج خط قد بدا كالآس |
فكأن مرآة البديع صحيفة |
|
للحسن جدولها من الأنفاس |
في روضة قد صاح فيها الديك إذ |
|
عطس الصباح مشمّت العطّاس |
ضحكت بها الأزهار لما أن بدت |
|
عين الغمام القاتم العباس |
ورقى بها الشحرور أغصانا غدت |
|
بتموج الأرياح في وسواس |
والورد تحمده البلابل هتّفا |
|
من فوق غصن قوامه المياس |
ويرى البنفسج عجبه فيعود من |
|
حسد لسطوته ذليل الراس |
والطل حل بها كدمع متيم |
|
لمعاهد الأحباب ليس بناس |
فتظن ذا ثغرا وذا عينا وذا |
|
خدا لغانية كظبي كناس |
واحمّر خدّ شقائق مخضلة |
|
حميت بطرف النرجس النعاس |
حسدا لخد الطرس لما أن غدا |
|
خط القريض بمدح فضلك كاس |
وقوله مضمنا :
بك صرح العلاء سام عماده |
|
وكذاك الكمال وار زناده |
إن كل الأنام من ناظر الدهر |
|
بياض وأنت منه سواده |
قد غرقنا من فيض فضلك |
|
في أمواج بحر تتابعت أزباده |
__________________
(*) هكذا في الأصل. ويستقيم بقولنا : سليل المعالى والكرام أبا بكر.