وشعره عليه طراوة وفيه عذوبة ، وقفت له على قصيدة غراء فريدة زهراء مطلعها :
أجل إنها الآرام شيمتها الغدر |
|
فلا هجرها ذنب ولا وصلها عذر |
ففز سالما من ورطة الحب واتعظ |
|
بحالي فإن الحب أيسره عسر |
وقد هاجني في الأيك صدح مغرّد |
|
به حلّت الأشجان وارتحل الصبر |
يذكرني تلك الليالي التي انقضت |
|
بلذة عيش لم يشب حلوه مرّ |
سقيت ليالي الوصل مزن غمامة |
|
فقد كان عيشي في ذراك هو العمر |
فكم قد نعمنا فيك مع كل أغيد |
|
رقيق الحواشي دون مبسمه الزهر |
لقد خطّ ياقوت الجمال بخده |
|
جداول من مسك صحيفتها الدرّ |
وروض به جر الغمام ذيوله |
|
فخرّ له وجدا على رأسه النهر |
وقد أرقص الأغصان تغريد ورقه |
|
وأضحك ثغر الزهر لما بكى القطر |
وضاع به نشر الخزامى فعطّرت |
|
نسيم الصبا منه ويا حبذا العطر |
بدائع من حسن البديع كأنها |
|
إذا ما بدت أوصاف سيدنا الغرّ |
ومن مقاطيعه قوله :
كأنما الوجه والخال الكريم به |
|
مع العذار الذي اسودّت غدائرة |
بيت العتيق الذي في ركنه حجر |
|
قد أسبلت من أعاليه ستائره |
وله غير ذلك.
وكانت وفاته بحلب سنة ست وخمسين وألف.
وأبوه محمد شاعر مثله ، حسن السبك دقيق الملاحظة. ولقد سألت عن وفاته كثيرا من الحلبيين فلم أظفر بها ، فلهذا لم أفرده في هذا الكتاب بترجمة ، وذكرته هنا رغبة بتطريز هذا التاريخ بشعره ، وما أورده له قد ذكر غالبه البديعي ولم يوفه حقه ، فمما أورده له قوله :
بدر أدار على النجوم براحه |
|
شمسا فنارت في كؤوس رحيقه |
شمس إذا طلعت كأن وميضها |
|
برق تلألأ عند لمع بريقه |
يسقي وإن عزت عليه ورام أن |
|
يشفي لداء محبه وحريقه |
فيديرها من مقلتيه وتارة |
|
من وجنتيه وتارة من ريقه |