والد السيد حسين ، فتقرب السيد حسين إلى المولى يحيى أفندي من بستان بالهدايا حتى قررها عليه وعرض له بها ، وكان صاحب أموال جزيلة حصلها من التجارات والمداينات. وأخذ أمرا بالتقاعد عن دفتر دارية حلب. وكان لا يأخذ من الأشراف مالا ولا يصادرهم بل كان يبذل لهم القرى ويقضي مهمات مصالحهم بخلاف غيره من النقباء ، ولما استولى خداوردي أحد جند الشام على حلب ونواحيها وامتدت يده زوّج ابنته لابن خداوردي ، كما زوّج الشيخ أبو الجود ابنته لخداوردي تقربا إلى جاهه. ولما تولى الوزير نصوح كفالة حلب وفهم الشيخ أبو الجود أنه يريد الانتقام من خداوردي وبقية أجناد دمشق المستولين على حلب فرّ قبل وقوع الفتنة إلى دمشق والسيد حسين ثبت ، وكان يداري الباشا وهو في الباطن يبغضه وينوي له السوء ، والأمير درويش بن مطاف أحد متفرقة حلب مقبول عند الباشا كثير البغض للسيد حسين بواسطة أخيه السيد لطفي ، فإنه كان عدوا للسيد حسين مع كونه أخاه ، فكان السيد لطفي يثلب أخاه بحضور الأمير درويش ، والأمير درويش ينقل ذلك للباشا حتى وقع الحرب بين نصوح باشا وحسين بن جانبولاذ كما ذكرناه سابقا ، وانكسر نصوح باشا وعاد إلى حلب مقهورا ، فوشى السيد لطفي أن أخاه فرح يكسر عسكر الباشا وأنه قرأ مولدا في هذه الليلة للفرح ، فذهب الباشا ليلا إلى دار السيد حسين فسمع ضرب الدفوف وأصوات الغواني وأمارات السرور ، وكان سببه أن بنت السيد حسين ولدت ولدا ذكرا في تلك الأيام فاجتمعت النساء للفرح ، ففي اليوم الثاني طلب الباشا السيد حسين فأخذ معه شريفا من بيت صفّاف الجبس ورجلا يقال له منصور بن حلاوة ، فدخل الثلاثة إلى دار السعادة فأمر الباشا بخنقهم خفية ، فخنقوا وألقيت أجسادهم في الخندق بحيث لا يشعر بهم أحد ، وضبط الباشا أموال السيد حسين ، وهرب السيد لطفي لما قيل له إن الباشا يقتلك أيضا ، وليوهم الناس أنني ما سعيت في قتل أخي. وقد كان السيد لطفي يحلف الأيمانات العظيمة أن أخاه يشرب الخمر ويلبس لبوس النصارى ، ويذكر ذلك للباشا. وكان قتله في سنة ثلاث عشرة بعد الألف وعمره نحو سبعين سنة رحمهالله.
وخداوردي المتقدم جاء ذكره في الجزء الثالث (حوادث سنة ١٠١١). وترجمه الغزي في الذيل وكذا في الخلاصة فقال في ترجمته : (خداوردي) بن عبد الله الطاغية أحد كبراء أجناد الشام ، وكان متميزا فيهم بالبأس والجرأة والتوسع في الدنيا. ونال حظا عظيما ، واشتهرت صولته ، واستتبع رعايا وجهالا استخفهم فأطاعوه. وولي سردارية