بين الناس في أمورهم ولم يختش غائلة شرورهم حتى عد من أهل الزيغ والضلال
وأتباع الباطل والمال ، فوردت فيه الأحكام السلطانية والأوامر الخاقانية برفعه إلى
القلعة والتفحص عن حاله ليقبح منقلبه ومآله ، فرفع وجرّم أعظم جريمة ، وولى عما كان
عليه هزيمة ، ولزم بيته مدة من الزمان ، وصبر على ما أبرزه الملوان ، إلى أن صفا
الوقت من أعيانه وظهرت أمثاله ومن أقرانه ، فتطاول على نقابة الأشراف في آخر عمره
بقوة المال ، وساعده على ذلك كثير من الرجال ، وصار نقيبا على السادة الأشراف ، مع
أنه عامي ، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقفت على أصل شرفهم فإذا هي بسعي الكمال بن
الدغيم عند صديقه الشهابي أحمد الإسحاقي نقيب حلب إذ ذاك ، فأذن لهم بوضع العلامة
ولم يكن بقصده ومرامه لأنهم لم يثبتوا لهم نسبا ، ولم يكن لهم بذاك نشب.
توفي محمد
المذكور ثامن ذي الحجة سنة ١٠١٠ ألف وعشرة ا ه (من مجموعة الجمالي) وسيأتيك قريبا
ترجمة ولده حسين المتوفى سنة ١٠١٣.
٩٤٠ ـ محمد بن أحمد الملا المتوفى سنة ١٠١٠
محمد بن أحمد
بن محمد المعروف بابن الملا شمس الدين بن شهاب الدين ، شارح «المغني» المتقدم ذكره
، الحصكفي الأصل الحلبي الشافعي.
ذكره العرضي
الكبير في تاريخه وقال في ترجمته : ولد في سنة سبع وستين وتسعمائة ، ثم نشأ في حجر
أبيه وقرأ عليه شرح «الشذور» لابن هشام. قال : ودخلت يوما إلى زيارة أبيه ، وكان
صاحبنا ، فرأيته يقرئه في بحث المبني وهو يتعتع في فهم الكلام وتفهيمه لولده
لإكثاره من المطالعة والنظر ، فأغنيته عن تقرير ذلك الدرس ووضحت للولد المبحث ،
وركز حبنا في قلب الولد ، فأتى إلينا بإذن أبيه وطلب مني الإقراء ، فأقرأته «شرح
الكافية» للجامي من أوله إلى آخره ، فلم يختم الكتاب إلا وقد صار ذا ملكة ، ثم مشى
معنا في «مغني اللبيب» ثم في «المطوّل» و «شرح آداب البحث» للمسعودي ، وفي
الأصفهاني ومتن الجغميني في الهيئة وشرح ابن المصنف على ألفية أبيه ابن مالك ، وفي
إرشاد ابن المقري وشرح المنهج للقاضي زكريا. وسمع من لفظي صحيح البخاري ومسلم ،
ورفيقه في معظم ذلك أخوه البرهان.