بسوء. وطالما حزبه أمر من الأمور فأخذ في أوراد كانت له ففرج عنه.
وكان في آخر أمره قد انقطع للعبادة بالتكية الخسروية إذ كان إماما بها ، بل أول إمام أم بها على ما شرطه واقفها ، وذلك بعد أن زوى الله عنه الدنيا وصرف عنه سعة المال ومنحه التجرد في المآل. وفيها كان إكمال تأليفه الحافل المسمى «بثمرات البستان وزهرة الأغصان». مع ما له من الانتخابات «كالسلسل الرايق المنتخب من الفايق» الذي التقطه الشيخ صدر الدين محمد بن البارزي الجهني من كتاب «مصارع العشاق» وكالذي انتخبه من كتاب «آداب السياسة» وسماه «بمصابيح أرباب الرياسة ومفاتيح أبواب الكياسة» وغير ذلك.
ومما اتفق له بعد الوفاة أنه رؤي في المنام مرات فرؤي تارة وعليه ثوب أبيض ، وتلك علامة خير إن شاء الله تعالى ، وأخرى وهو يسقي الناس ماء ، وتارة أخرى وهو يصلي بمحراب الخسروية يكرر تلاوة سورة الضحى لقوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى)* إلى أن خرج بعد تمام الصلاة إلى سدة المؤذنين وأكمل معهم نوبتهم فيها. وكان سر المنام الثاني أنه حفر بئرا في شرقية التكية المذكورة. وكان في سنة ثماني عشرة قد وقف حانوتا بمحلة سويقة علي ليجدد بأرضه خير بك كافل حلب حوضا للسبيل ، فجدده وجعل له شربا من فايض بركة داره التي أنشأها بالمحلة المذكورة ، فانقطع شربه من بعده لاختلاف أمرها ، فجعل له والدي شربا من حق قاعته ووقف على مصالحه ثلثي حانوت وقع بينها وبينه حانوتان هما وقف آخر على غيره.
وكان أيضا قد بذل مالا كثيرا في طلب زيادة ماء العين الكائنة في سفح جبل جوشن بالقرب من مشهد الدكة المعروف الآن بمشهد محسّن رضياللهعنه حين ازداد ماؤها واتسعت أرجاؤها وأغنت مجاوريه عن نقل الماء من النهر. واتفق لحجار طلبه والدي ليعمل بها فقال : بلغني أنه من عمل بها مات سريعا ، ولكني أعمل بها ولا أبالي ، فعمل بها فمات سريعا إلى رحمة الله تعالى.
__________________
(*) الضحى : ٥.