الاصطبار ، واستعار لقلبه جناح الشوق فها هو يود لو أنه نحوكم طار ، عجل عليه البين بدنو حينه ، وسبك في بودقة خدّيه خالص إبريز دمعة عينه ، وقطر بتصعيد أنفاسه لجين دموعه ، ونفى بتأوهه وأنينه طير هجوعه.
وله غير ذلك من غرر القول.
وكانت ولادته في سنة سبع وثلاثين وتسعمائة ، وتوفي في سنة ثلاث بعد الألف ، قتله الفلاحون في قرية باريشا من عمل معرة مصرين ظلما وعدوانا ، ودفن بالجبيل بالقرب من تربة جده لأمه الخواجه إسكندر بن آبجق رحمهالله تعالى ا ه.
وترجمه الشيخ محمد العرضي في مجموعته فقال : مطلق العنان في ميادين الفضل * ، ذو نظام كأنما هاروت نفث على لسانه سحر بابل ، كم له في ولاية الفضل من منشور ، فهو بحر علم بسفائن الأدب مسجور ، وروض بليل بأزهار الأشعار ممطور ، دأب وجدّ على قطف نور التحصيل ، ولإنسان الدهر فيه رجاء وتأميل ، وعكف على مجلس جدي الأعلى ابن الحنبلي مقتبسا من مشكاته ، متزودا من ثمار حضراته ، وذكره في تاريخ «در الحبب» وسرد مقروءاته ، وذكر له من شعره الكثير الغض النضير ، ثم لم يطب بالشهبا له المقام ، مهاجر الخليل وذات المقام ، فألقى عصا التسيار وحط رحل الرجا ، بقرى من أوقاف أجداده بني أجا ، واتخذها رحلة مرتبعه ومصطافه ، متجرعا غصص خلانه وألّافه ، وهناك صنف كتابه «منتهى أمل الأريب في شرح مغني اللبيب». عبث الهوى بيراعه فتأود ، وسقاه من سلاف الحب فعربد ، على أعيان من مشايخ حلب بل جبال رواسخ ، كالشيخ عبد الرحمن البتروني والخواجا عثمان العلبي ورفيقه في الاشتغال محمد الأسدي والسيد نويرة نقيب الأشراف ، حتى جمع رسالة في هجوه سماه «بالسهم المصيب في كيد النقيب» رتبها على حروف الهجاء ، وهنا ساق المساجلة التي جرت بينه وبين البدر حسين النصيبي وقد قدمناها في ترجمته. (ثم قال) : ولم يزل صاحب الترجمة في مضيعة الضياع ، تاركا ما لا يستطاع من المجد في المدن إلى ما يستطاع ، كما قيل في قول ابن الرومي :
هذا أبو الصقر فردا في محاسنه |
|
من نسل شيبان بين الضال والسلم |
إنما خص انفراده بالمحاسن بما بين الضال والسلم وهما شجرتان في البادية لأن فقد العز
__________________
(*) لعل الصواب : الفضائل ، وبذلك يتم السجع.