على الشيخ الصالح إسماعيل الهندي ، ثم قرأ علي بحلب في العربية في كتب آخرها «الوافية» و «توضيح ابن هشام» وفي شرحي إيساغوجي للكاتبي والفناري في المنطق ، وسمع عروض الأندلسي. واتفق له معنا فيه أن القارىء شرع في قراءة بيت الضرب الثاني من الكامل قائلا : (وكملت لا أحد يفوقك في علا). فقال لي : هذا البيت في شأنكم ، فقلت له : لا تغالط ، فإنما آخره (وطلعت في أفق الكمال شهابا) وأنت الشهاب لا أنا.
وقرأ علي «أشكال التأسيس» في الهندسة وكذا «مخايل الملاحة في مسائل المساحة» من تأليفي ، وقرأ شرح إيساغوجي للكاتبي وسمع شرح الشمسية مع قراءة حاشيته للسيد الجرجاني في المنطق إلا جانبا منها ، وقرأ «شرح السراجية» له «ونزهة الحساب» وقطعة من «منازل السائرين إلى الحق» في التصوف لمزيد رغبته فيه ولطف مشربه لصافيه ، حتى حداه فرط شغفه به إلى ملازمة مجالس الشيخ الزين ورفع خواطره إليه وعرض أحد وثات نفسه عليه وإلى مطالعة كتب القوم لما احتوى عليه من لطف الذوق وصفاء الباطن ، مع ما عنده من الميل إلى السماع ولطف العشرة ونقد الشعر وقرضه وحفظ أحسن ما سمعه منه. سمعت من لفظه لبعضهم :
أربعة مذهبة |
|
لكل هم وحزن |
لذيذة يحيا بها |
|
روحي وجسمي والبدن |
الماء والخضرة والدينار |
|
والوجه الحسن |
وأنشدني لذي الرمة :
خليليّ إني للثريا لحاسد |
|
وإني على ريب الزمان لواجد |
تجمّع منها شملها وهي سبعة |
|
ويؤخذ مني مؤنسي وهو واحد |
فأنشدته لنفسي :
حسدت الثريا وهي سبعة أنجم |
|
منحن اجتماعا والحبيب مفارق |
وقالت أصخ إني وأنت على الهوى |
|
وقد شاب منه رأسنا والمفارق |
ألم أهو بدرا أنت تهوى جماله |
|
فطورا ألاقيه وطورا أفارق |
وأنشدته مرة لنفسي :
كيف أسلو من لو حباني مرارا |
|
لم أكن؟؟؟ لمغناه مرّه |