ابن عمه وجهه وخرج من عند الشيخ رضياللهعنه مغضبا شاتما. ولا شبهة في أن هذه الواقعة من الكشف.
وحكى لي الشيخ زين مؤذن الخسروية فقال : إن الشيخ خالد بن عبس الذي كان ساكنا بمحلة باحسيتا بحلب كان منكرا على الشيخ رضياللهعنه ، وكان شيخ فقراء يعظ الناس على الطريقة العلوانية بحيث إن تشكى إليه الخواطر في المسجد الكائن بالمحلة المذكورة بالقرب من باب الفرج فيقول له أحد الواردين : إنه قد خطر في نفسي أن أفعل كذا فيأخذ الشيخ خالد ويتكلم بما يناسب قوله من كلام العلماء والآيات والأحاديث النبوية وكلام أهل الله ، وكان رجلا كبير السن بلغ الثمانين محترم القدر وعظيم الهيبة والناس يهرعون إلى زيارته لأجل شكوى الخواطر من كل فج عميق ، وكان معاصر الشيخ أبي بكر رضياللهعنه ، وكان الناس يأتون إلى الشيخ خالد المذكور ويذكرون أحواله وأقواله ، فيقول : هذا خارق الشريعة ولا تذهبوا إليه ، وكان دائما يطعن فيه ويحذر الناس من زيارته ، فاتفق أنه قد تولى إمارة هذه الديار أحد الأمراء ، فسمع بوعظ الشيخ خالد وزهده وصلاحه ، فذهب إلى زيارته واجتمع به وسأله عن حاله وحرفته وسبب رزقه ، فقال له : أنا فقير على باب الله ، والمحبون والمعتقدون علينا يتكلفون برزقي ، ولا أطلب من أحد شيئا ، ومالي علوفة ولا وظيفة ولا صنعة أحترف بها غير كتاب الله وحديث رسوله ونصيحة المسلمين والانقطاع في هذا المسجد ، فقال له سرا في أذنه : أما تسمع مني وتذهب إلى إستنبول ، فإن السلطان إذا سمع بك يعين لك علوفة وافرة ، فقال له الشيخ خالد : إن شاء الله نذهب. ثم إن الشيخ خالدا صمم وعزم في خاطره أنه يذهب إلى إستنبول ، وأراد أن يتعاطى أهبة السفر ، فبينما هو في مسجده ونية السفر في خاطره وإذا بالشيخ أبي بكر رضياللهعنه قد جاء إليه والفقراء معه وبيده العصا ، وكان الشيخ رضياللهعنه ذات يوم قاعدا في مكانه وكان من عادته لا يذهب إلى أحد أبدا ، فقال لفقرائه : قوموا بنا نزور الشيخ خويلده ، بالتصغير ، فلما جاء إلى الشيخ خالد ووقف على باب المسجد ولم يدخل فخرج إليه متعجبا من مجيئه ومترحبا به ، فقال له الشيخ أبو بكر رضياللهعنه : أنا جئت إليك حتى أسئلك عن عمرك ، قولي أيش قدر عمرك؟ فقال له الشيخ خالد : عمري ثمانون سنة ، فقال له : يا مجنونة ، أي يوم خلّاك عريانه أو جوعانه ، إلى أين أنت رايحه ، أما تستحي من الله ، فبكى الشيخ خالد حتى بل لحيته من البكاء وقال : لا تؤاخذني فإني