يده وبسعيه شيئا بعد شيء حتى صارت إلى ما تراه ، فإن الشيخ أحمد المذكور بقي في المشيخة بعد وفاة شيخه المومى إليه خمسين سنة. ولم يزل مدة حياته يسعى في تعمير أماكنها وإحداث أماكن فيها وجلب الماء إليها وعمارة المسجد ومحل زيارة الشيخ وإنشاء الحدائق والبساتين والكروم وحواليها وتجديد الأوقاف لها إلى غير ذلك.
ثناء المشايخ عليه :
قال : وقد أثنى على شيخنا جماعة من معاصريه وغيرهم من مشايخ الإسلام وعلماء الأنام ، وترجموه بالولاية والكشف والكرامة ، منهم العلامة الرضي ابن الحنبلي ، يحكى عنه أنه كان يكتب في أثناء تاريخه في حياة الشيخ ، فتردد هل نذكره في التاريخ أم لا ، ثم ذهب إلى زيارة الشيخ فكاشفه الشيخ بذلك وقال له : اكتبيها في تاريخك ، لأي شيء لا تذكريها أو كلاما معناه ذلك ، فإن الشيخ رضياللهعنه كان يخاطب الجميع بخطاب التأنيث كما هو مشهور عنه.
ترجمة الرضي الحنبلي له في تاريخه :
قال : هو أبو بكر بن وفا ، مجذوب كثيرا ما يرى بين القبور ويكاشف الواردين عليه ، وتراه تارة يخلط في كلامه وأخرى يورد معارف ومواعظ ومذام للدنيا ، وحينا ينقبض وأحيانا ينبسط. وكثيرا ما ترى على رأسه طاقية ثالثة فتوضع فوقها وهو لا يكترث بما وضع ، وكذا يصنع به تارة أخرى وهو لا يقول ماذا صنع.
وكان قبل أن يجذب معاملا لواحد من حكام الروميين حتى أثر من جهته ، واتفق له أن سافر معه إلى دمشق فرأى بها واحدا من الواصلين ، فأخذ يتردد إليه ودعا أن يصرف الله تعالى عنه الدنيا ، فلم يسعه إلا أن بذل ما كان معه من حطامها إذ حصلت له الجذبة الحقيقية ، ثم عاد إلى حلب مجذوبا وصار يأوي إلى محلة مقابر الغرباء وما والاها.
وكان أبوه من صالحي المؤذنين يؤذن بمنارة مسجد سويقة علي بحلب. ا ه.
قال في «أعذب المشارب» : أخبرني رجل من أعيان أصحاب الشيخ أن الشيخ العالم ابن الحنبلي كتب تاريخا وتردد هل يذكر فيه الشيخ أبا بكر أم لا ، ثم إنه زاره بعد ذلك فقال : لأي شيء ما تذكريها؟ أما هي مسلمة من المسلمين؟ فما وسع الشيخ بعد ذلك