بالزاوية العشائرية من تفهم العلم ، فما مضت أيام إلا وقد مكن طائفة من المتشبهين بالصوفية من دخول العشائرية ومعهم الدفوف والشبابات ولهم رفع صوت بالذكر في وقت كان الناس فيه رافعي أكفهم بالدعاء وعقب صلاة العصر ، مع أخذ بعض منهم في قضاء ما سبقوا فيه له ، أليس في هذا منع لحضور قلب الداعين والمصلين بها ، فقال : في تجويزه خلاف. ثم عاد إلى حضور مجالسه تحت كرسيه بالجامع الكبير.
ولم يزل الشيخ تاج الدين يفيد فقه الشافعي لطالبيه إلى أن توفي سنة سبع وستين.
٨٨٩ ـ أحمد ابن الشيخ عبدو القصيري المتوفى سنة ٩٦٧
أحمد ابن الشيخ عبدو بن سليمان الكردي القصيري الشافعي الصوفي الخلوتي. جمع بين طريقي أهل الظاهر والباطن ، فتفقه في المنهاج والإرشاد على الرمادي تلميذ الشمس البازلي الحموي ، وأخذ الطريق ولبس الخرقة عن أبيه الماضي ذكره وصار خليفة في حياته بعد أن لم يرض بما كان عليه أبوه ، ثم اهتدى فقدم عليه وقبل يديه نائبا عما فرط منه ، ثم صار بعده يشغل الطلبة في العلوم الظاهرية الشرعية ، ولكن مع عرائه من علوم العربية إلا قليلا ، ويلبس الخرقة والتاج المضرّب دالات من ماله ، ويخلف من اختار فيعطيه عصا من عنده مدهونة بالخضرة ، ويبسط موائده للواردين من قليل وكثير ، ويبرز فوائده للقاصدين من كبير وصغير.
تزوج بأربع نسوة وكبر له أربعة أبناء فزوجهم ، وكثر عنده العيال ، وترادفت عليه الواردون في كل حال ، حتى لم يخل منزله بجبل الأقرع من قريب من خمسين واردا غريبا يأكلون على سماطه ، حتى كان يحتاج في كل يوم إلى قريب من نصف مكوك من الحنطة ، لكنه فاضت عليه الفتوحات وكثرت له الوصايا ممن أشرف على الممات لمزيد اعتقاد أهل القصير فيه بحيث نال منهم فوق ما يكفيه مع أخذه فيهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعاطيه الوعظ فيما بينهم ، حتى اشتهر صلاحه وبعد صيته وكثر خلفاؤه ومريدوه كثرة زائدة.
وكم مضت له قدمات إلى حلب صارت له فيها محافل وعظ وذكر بالجامع الأموي بحلب ، منها قدمته سنة أربع وستين ، فإنه قدمها واجتمع بفرهاد باشا أمير الأمراء بحلب