إنسان عين المشايخ الكرام ، فهو أيضا في زمرة العلماء الفخام. نشأ في حجر التقوى ، وتربى في كفالة الصيانة ، لا يعهد له شغل فيما يزريه ، ولم يسمع عنه تكلم فيما لا يعنيه. وقد قرأ النحو والبيان والفقه والعقايد والتصوف والحديث الشريف ، وأكثر قراءته على هذا العبد الفقير (الشيخ يوسف الحسيني). إلى أن قال :
وهو كأسلافه حنفي المذهب ما تريدي الاعتقاد وفائي الخرقة والطريقة. وقد قام بأعباء المشيخة وسار فيها أحسن سير ، مع مراعاته للدراويش والمريدين والمسافرين والمجاورين والواردين والصادرين وإكرام الأصناف وتلقيهم بالبشر والبشاشة وسياسة لأمور التكية كما ينبغي ، وهو منزو في التكية المذكورة لا يخرج منها أصلا إلا لصلاة الجمعة في جامع البختي خارج حلب ، وأما نفس البلدة وداخلها فلا يدخلها لا في فرح ولا في ترح ، ولا يجتمع بأحد من أهاليها ولا من حكامها إلا في تكيته المذكورة. وقد ألف العزلة عن الناس وأكب على العبادة والكراس. إلى أن قال وهو مما كتبه على هامش كتابه مورد أهل الصفا بخطه : وقد انتقل بالوفاة الشيخ علي داده في اليوم الثالث عشر من شهر رمضان سنة خمس وثلاثين وماية وألف ، ودفن في مزار أسلافه في قبر جده لأمه الشيخ مصطفى داده قبلي مزار الشيخ أبي بكر ، وخلفه من بعده ولده لصلبه الشاب الصالح العابد الناسك الشيخ حسين داده ، وهو ملازم لوظائف الأوراد والأذكار ، ومجد في تحصيل العلم الشريف على هذا العبد الضعيف كأبيه ، مشتغل بالفقه والنحو والصرف والتصوف.
أقول : وكانت وفاة الشيخ حسين داده سنة ١١٥٦ وستأتيك ترجمته في موضعها.
١٠٣٤ ـ أحمد بن عبد الله الشراباتي المتوفى سنة ١١٣٦
أحمد بن عبد الله بن علوان الحلبي الشافعي الشهير بالشراباتي ، الشيخ الفاضل العالم العامل المحدث الفقيه الورع الصالح المفنن ، أبو العباس شهاب الدين.
ولد بحلب سنة أربع وخمسين وألف ونشأ بها ، ورحل إلى القاهرة لطلب العلم وأخذ عن جماعة من الأئمة المسندين كأبي العزائم سلطان المزاحي ، والنور علي الشبراملسي ، والشمس محمد بن علاء الدين البابلي ، وعنهم أخذ الفقه وأصوله ، وعبد الباقي الزرقاني. ثم رجع إلى دمشق وأخذ بها عن الشمس محمد بن علي الكاملي ، وعن السيد محمد بن