وذكره البديعي في «ذكرى حبيب» وقال : أدركته وقد خلق عمره وانطوى عيشه. وبلغ ساحل الحياة ووقف على ثنية الوداع ، ولم يبق منه إلا أنفاس معدودة وحركات محدودة ، ومدة فانية وعدة متناهية ، وهو بحر علم وطود حلم ، وواحد الآفاق في مكارم الأخلاق. ومن لطائفه قوله في مكتوب أرسله إلى شيخ الإسلام صنع الله بن جعفر مفتي التخت السلطاني عند ذكر اسمه : (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)* وما كتبه في صدر كتاب إلى المولى فيض الله قاضي العساكر الرومية قوله :
لتهن العلا إذ صرت حقا لها بدرا |
|
وزيّن عقد الفضل منك لها النحرا |
فحمد لك اللهم قد سعد الورى |
|
وصار بفيض الله نهر الندى بحرا |
ومن شعره قوله في مجريّ اسمه عبد اللطيف :
عبد اللطيف للطفه |
|
سبق الذي جاراه |
فكأنه ريح الصبا |
|
يحيي القلوب سراه |
وقوله في الغزل مضمنا :
وبي رشأ أحوى إذا ماس في الربى |
|
وهز قواما منه تحتجب القضب |
علقت به حتى هلكت صبابة |
|
ومن ذا يرى هذا الجمال ولا يصبو |
وله غير ذلك. وكانت وفاته سنة ست وأربعين وألف وبلغ من العمر ثمانين سنة رحمهالله.
٩٦٥ ـ أصلان دده المجذوب المتوفى سنة ١٠٤٨ أو ١٠٤٩
أصلان دده المجذوب نزيل حلب.
قال أبو الوفا العرضي المذكور آنفا عندما ذكره : اخترط في مبادي العمر شوك القتاد ، واحتمل المشقات والأنكاد ، من الجوع والعطش والعري والسهر (والقمل وسب الناس له ، وطردهم إياه عن مواطن نومه وهجوعه) **. وكان ينام في المساجد بغير غطاء (ولا
__________________
(*) النمل : ٨٨.
(**) ما بين قوسين أثبتناه نقلا عن قطعة من «معادن الذهب» تحقيق الدكتور محمد ألتونجي.