تمض ثلاثة أيام إلا مات.
وكان وهو بحلب أقرأ حاشيته على الجامي وكتبت عنه واشتهرت بحلب ، وفيها يقول السيد أحمد بن النقيب :
حواشي إمام العصر بكر عطارد |
|
محمد السامي على هام بهرام |
صوارم أفكار إذا هز متنها |
|
نبا كل هنديّ وكل حسام |
وأبحر تحقيق إذا طم موجها |
|
فهيهات منا عاصم لعصام |
وخمرة توفيق زكت فتسارعت |
|
إلى حانها أهل الفضائل بالجامي |
وحكى لي شيخنا العلامة أحمد بن محمد المهمنداري مفتي الشام أن صاحب الترجمة قال يوما للنجم محمد الحلفاوي : السيد أحمد بن النقيب يقول وهو غائب : إنه أفضل منك ، فقال : صدق ، وهو أكثر إحاطة مني. وقال لابن النقيب مثل هذه المقالة في غيبة النجم. فقال : لا شك فيما يقول ، فإنه أستاذي ، والأستاذ على كل حال له رتبة الأفضلية.
وكانت وفاة غلامك سنة خمس وأربعين وألف. والكاف في غلامك للتصغير في اللغة الفارسية كما ذكر في مصنفك وأمثاله.
٩٦٤ ـ أبو اليمن بن عبد الرحمن البترونيوفى سنة ١٠٤٦
أبو اليمن بن عبد الرحمن بن محمد ، وهو والد إبراهيم البتروني الحلبي الآتي ذكره ، وقد ذكرنا تتمة نسبه هناك فلا حاجة بنا إلى ذكره هنا.
وكان أبو اليمن هذا مفتي الحنفية بحلب بعد أخيه أبي الجود المار ذكره. كان فاضلا فقيها متواضعا حسن الخلق جوادا ممدوحا ، نشأ في الجد والاجتهاد ، وقرأ وأخذ عن علماء عصره ، ودرس بالمدرسة العادلية ، وأفتى مدة طويلة ، وكان له شأن رفيع ، ولأهل حلب عليه إقبال زائد لسلامة طبعه وتودده وكرم أخلاقه.
ودخل دمشق حاجا في سنة أربع بعد الألف ، فصادف قبولا وافرا ، وأكرم نزله جدي القاضي محب الدين لسابق مودة بينه وبين أخيه أبي الجود.