كم قد نشرت به بساط لذائذي |
|
وهصرت من عطفيه غصن الآس |
أيام لا غصن الشباب بملتو |
|
عني ولا حبي لعهدي ناس |
قطر الحيا في وجنتيه مكلل |
|
مثل الحباب على صفاء الكاس |
ساقيته طعم المدام فلم يشب |
|
صفو الحياة بكدرة الأدناس |
لم أنسه متسربلا ثوب الحيا |
|
متبخترا في قدّه الميّاس |
وقوله من قصيدة :
نثر الدر من كلامك نظما |
|
لم نكن بعد ورده الدهر نظما |
قلت : وهو ممن أخذ عن شيخ الإسلام عمر العرضي وغيره ، وتصدر للإقراء فانتفع به الجم الغفير من أهل دائرته من أجلّهم العلامة محمد بن حسن الكواكبي مفتي حلب ، والفضائل الأديب مصطفى البابي ، وشيخنا العلامة الأجل أحمد بن محمد المهمنداري مفتي الشام وغيرهم.
واجتمع به والدي في عودته من الروم سنة اثنتين وخمسين وألف وذكره في رحلته التي ألفها ، وقرظ له عليها النجم المترجم فقال بعد الحمدلة والتصلية : وبعد فلما تشرفت الشهباء بقدوم مولانا فخر الأفاضل وعمدة الأدباء الوارث سلافة المجد عن أبيه وجده ، الحائز قصبات الرهان في ميدان البلاغة بعزمه وجده ، من فاق ببلاغته نثر النظام ، وسما في متانة نظمه على البحتري وأبي تمام ، وملك ديوان الإنشاء ، ولا بدع فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وكان قدومه عليها ووروده إليها من دار السلطنة العليا قسطنطينية المحمية ، راتعا طيب العيش بحصول المآرب ، ناهلا من وروده على ألذ المشارب ، فأوقفني على هذه الرحلة التي تشد إليها الرحال ، وتقف عندها مطايا الآمال ، فوقفت على حديقة أريجة النبات ، وصحيفة بهيجة الصفات ، وأجلت طرفي في ألفاظ أرق من السلافة ، وألذ من الأمن بعد الإخافة ، ومعان أحلى من لعاب النحل ، وأعذب من الخصب بعد المحل ، جمعت فضائل الآداب ، وملكت معاقل الألباب ، تعرب عن بلاغة منشيها ، وتبلغ الأنفس من أمانيها ، فلا زالت الأعين من لقائها مبتهجة ، والألسن بحسن ثنائها ملتهجة ، وأمده الله بسعد لا انقطاع لحبله ، وأيده بمجد لا انصداع لشمله ، لا برح يرتع في رياض الفضائل ، ويطبق من أصول دلائله المسائل على الدلائل. انتهى.