الصّورة وكساها عوارضها. إمّا ابتداء (١) من نفسه وإمّا لداع دعاه إليه.
ولعلّك غير ناس ما أسلفناه لك : أنّه يمتنع أن تفارق الهيولى ملابسة الصّورة في الوجود ، وإلّا لم تكن مبهة في وحدتها الشّخصيّة ، فلم تكن على سنة الطّباع الهيولوىّ ، وأنّه إنّما يصحّ سبق القوّة حاملها ، أعني المادّة ، على الزّمنيّات ، أي الجزئيّات الكائنة الفاسدة بما هي حوادث زمانيّة ، سبقا زمانيّا ، ولا الأبديّات والدّهريّات ، بل الزّمنيّات أيضا بما هي حوادث دهريّة معز ولا فيها النّظر عن حدوثها الزّمانيّ فغير مسبوقة الحصول في الدّهر بالقوّة وبالمادّة الّتي هي حاملتها مسبوقيّة بالدّهر أصلا ، بل هي مسبوقيّة بالطّبع فقط.
والآن ، فبالحريّ أنّ نستأنف تأمّلا أدقّ من سبيل آخر : أليست القوّة لا محيد لها من أن تقوم بجوهر ، فلا محالة يكون هو بالفعل في ذاته ، وإلّا فكيف يعقل أن يكون مستعدّا لقبول شيء وراء ذاته.
ثمّ قد يتقرّر شيء بالفعل ولا يكون هو بالقوّة شيئا ، كالأبديّات المفارقة ، وهو بفعليّته يقع في نظام الوجود في السّلسلة الطّوليّة منه منتهية في التّرتّب بالطّبع إلى الّذي بالقوّة. فمن هذه الجهة حقيقة ما بالفعل قبل حقيقة ما بالقوّة قبليّة بالذات
وأيضا ليس ما بالقوّة مفتاق الذّات من حيث هي بالقوّة إلى ما يخرجه من القوّة إلى الفعل ، وليس يصحّ أن يكون المخرج بالحقيقة إلّا ما هو متقدّس الذّات عن ملابسة معنى ما بالقوّة من كلّ جهة ، إذ لو كان لما بالقوّة من جهة ما هو بالقوّة ، جسما كان أو نفسا أو عقلا ، حظّ ما من الجاعليّة والإيجاب كان للقوّة والعدم شركة فى إفاضة الفعليّة والوجود ؛ ولذلك كان الجاعل المفيض على الإطلاق هو القيّوم الواجب بالذّات ، جلّ ذكره ، لا غير ، إذ كان لا يعرى شيء من الجائزات في حدّ ذاته عن ملابسة الهلاك والقوّة.
فالتّحليل يذر حيثيّة الذّات الجائزة بما هي هي تحت مفهوم ما بالقوّة وفي تيه قاع الهالكيّة ، فيجدها صفر الكفّ من اقتضاء الفعليّة لشيء ما ، إذ هي من سنخها باللّيس بذورة ملغاة السّعي في استنقاذ شيء ما من هلاك الذات ، إذ هي بجوهرها به ممنوّة
__________________
(١) انتهت الإيماضات الموجودة بخط صدر الدين محمد بن ابراهيم الشيرازى فى كلمة «ابتداء» ، وباقى الرسالة من هنا إلى آخر الموجود منها نقلناه من نسخة مصوّرة موجودة فى المكتبة المركزية بجامعة طهران ، رقم. ٣٧٤.