كأنّك إن حصّلت ما أصّلته لك ، علمت أنّ الطبيعة الجرميّة الامتداديّة بممتديّة جوهرها تأبى مفارقة الهيولى في الوجود ، وإلّا لوجدت متشخّصة ولا قوّة هناك على قبول الانفصال أصلا ، ولاختلفت أشخاص طبيعة محصّلة نوعيّة بالحلول واللّاحلول. والهيولى بهيوليّتها ليست تقبل أن توجد متجرّدة عن الصّورة ، وإلّا لتحصّلت بشخصيّتها ، وليس هناك شيء من الاتّصال والانفصال ليسيّة بالمرّة ، فلم يكن وحدتها الشّخصيّة مبهمة لا تتعيّن إلّا باتّصال أو انفصال قطعا ، فلم تستمرّ الهيولى على سنّة الهيوليّة. وذلك كلّه فاسد بالغريزة الحدسيّة والضرورة الفحصيّة. فإذن ، أنت بما أوتيت لفي مندوحة من تعمّقات السّلّاف الأوائل في هذه المسائل.
إيماض
(٨ ـ صور قائمة بالهيولى الاولى)
إنّ هناك صورا أخرى زائدة على الصّورة الجرميّة تقوم بالهيولى الأولى فتنوّعها بالعرض ، والجسم المطلق المتألّف من الهيولى والصّورة الجرميّة بالذّات ، وهي الصّور الطّبيعيّة. أليس من الحدسيّات اختلاف البسائط الأسطقسّية بالحقيقة النوعيّة ، وكذلك المركّبات الطّبيعيّة الّتي لها تأحّد بالطّبع ، كالمواليد وأنواعها ، لا الصّناعيّة الّتي إنّما تأحّدها بالفرض والصّنعة ، كالبيت والكرسيّ ، مثلا.
ولعلّ من القطعيّات بالضّرورة الفطريّة أنّ تضامّ المقولات المتباينة لا يحصّل حقيقة وحدانية. وكيف يتأحّد الشّيء نوعا محصّلا من جنسين عاليين ، ولا سيّما من جنس الجوهر [٣٨ ب] وشيء من أجناس الأعراض والجسميّة المطلقة طباع مشترك بين جميع الأقسام.
فإذن ، هناك جوهر آخر به التّحصّل والتّنوّع ، والجسم يتأحّد من هذه الجواهر الثّالثة تأحّدا نوعيّا بالفعل ، لا بتصنّع ولا بفرض فارض. والعرض إنّما يصحّ أنّ يدخل في التشخّص والتصنّف ، لا في تحصّل الحقيقة النوعيّة.
إيماض
(٩ ـ الأجسام المختلفة)