من الزمنيّات معا في آن واحد ، فأبدع ، عزّ مجده ، بقدرته السابغة وحكمته البالغة : الهيولى الأولى الأسطقسيّة الحاملة لطباع ما بالقوّة ذات قوّة منفعلة غير متناهيّة في القبول والانفعال. كما قوّته الفعّالة غير متناهية في الفعل والإفاضة ، وإن كانت اللانهاية هناك ، على نمط آخر أرفع وأعلى لا يقاس ولا يكتنه ، متضمّنة في فعليّة جوهرها القوّة من سبيلين. وكذلك الحركة المستديرة المستمرّة الاتصال مضاهية لها في حمل ما بالقوّة وتضمّن فعليّتها أيضا للقوّة من سبيلين ، ثمّ استعملهما على تكوين الكون والفساد وجعل تصحيح أمر الحدوث الزمانىّ تدور رحاه على المادّة الأولى القابلة والحركة المستديرة المتصلة الحاملتين بطباع فعليّتهما لطبيعة ما بالقوّة من غير وجه واحد بتقدير الله العزيز العليم ، سبحانه. وبسط القول في ذلك كله على ذمّتى «الأفق المبين» و «الصحيفة الملكوتيّة».
الإيقاظ الثالث
(لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين)
من المتّفق على ثبوته في الحديث من طرق العامّة والخاصة عن النبي ، صلىاللهعليهوآله ، «القدريّة مجوس هذه الأمّة» (التوحيد ، ص ٣٨٢) ، ولعنت القدريّة على لسان سبعين نبيّا» (بحار الأنوار ، ج ٥ ، ص ٤٧). فاختلف الفئتان المتخاصمتان في تعيين القدريّة وتحقيق المعنى الذي هو ملاك تصحّح النسبة إلى القدر. فالشيعة والمعتزلة على أنّها الفئة المجبّرة من الأشاعرة ومن في حزبهم. والمعنى المصحّح للنسبة إسنادهم الخيرات والشرور جميعا إلى مجرّد قضاء الله تعالى وقدره من غير مدخليّة ما لقدرة الإنسان وإرادته في شيء من أفعاله ، بل لممكن ما من الممكنات في شيء ما من الأشياء أصلا. والأشاعرة تزعم أنها أصحاب العدل والتوحيد من المعتزلة والشيعة. ومصحّح نسبتهم إلى القدر توغّلهم وتبالغهم في نفيه وإنكاره. قالوا ، ما تلخيصه : إنّ تنزيله ـ صلىاللهعليهوآله ـ القدريّة منزلة المجوس [يأبى] إلّا أن تكون هي المثبتين لبعض الجائزات ، كالأعمال والأفعال ، مبدءا غير الواجب بالذّات جلّ سلطانه ، كالعباد. كما المجوس مثبتون للوجود مبدأين ، مبدأ للخيرات ، يسمّونه يزدان ، ومبدأ للشرور ، ويسمّونه أهرمن. فأمّا المسندون جملة ما في نظام