حدوده ، أم المكان معدوم وراء محدّد الجهات في نفسه ، فكذلك الزمان ، [١٤٣ ب] وراء امتداده في جانب البداية معدوم في نفسه عدما صرفا ، بمعزل عن الامتداد ومقابله.
ثمّ من المستغرب ، يا أسراء الوهم ، أنّ معلّمكم ورئيسكم ومن هو فى طبقتهما منكم لا يذهلون عن تلك الحقائق ، ومع ذلك فإنّهم يستنكرون الحقّ وهم لا يستشعرون.
أفليس رئيسكم يقول في («التعليقات» ، ص ٤٣) : «متى هو الكون في الزمان ، والزمان الواحد يصحّ أن يكون زمانا لعدّة كثيرة بالتحقيق. فأمّا متى كلّ واحد منها فإنّه يخالف متى الاخر ، فإنّ كون كلّ واحد منها في ذلك الزمان هو غير كون الآخر. والأين هو كون الشيء في المكان ، [١٤٤ ظ] ومعناه في وجوده فيه ، وهو وجود نسبىّ ، لا وجود على الإطلاق ، وهو مختلف فيه ، فإنّ كون زيد في السوق غير كون عمرو فيه ، والكون في الزمان غير نفس الزمان. وإذا بطل كون الواحد في زمان لم يبطل كون الآخر ، والزمان ليس وجوده في زمان ، فكذلك ليس بعدم في زمان».
هذا قوله بألفاظه ، ثمّ يقول في «التعليقات» أيضا : «الوهم يثبت لكلّ شيء متى ، ومحال أن يكون في للزمان نفسه متى ، والدهر وعاء الزمان ، لأنّه محاط به».
وأ ليس تلميذه بهمنيار يقول في الفصل الآخر من المقالة الثانية [١٤٤ ب] من إلهيّات كتاب «التحصيل» ، (ص ٤٦٢) : «ومعلوم أنّ الزمان ليس وجوده في زمان حتى يكون عدمه في زمان آخر».
وأمثال ذلك في صحفهم غير محصورة ، فكيف يحصّلون ذلك في أبعاض الزمان وينقبضون عنه في الزمان نفسه ؛ فليت شعرى ما خطبكم ، أيّها المتهوّسون بالقدم ، تكتمون الحقّ وأنتم تشعرون.
[٣٧] تسوية برهانية فيها حكمة ربانيّة
يا أيّها المتهوّسون بالقدم ، أنسيتم ما أدركتموه بعلومكم البرهانيّة : أنّه لو وقع أحد في الفلك الأقصى ، فأراد أن يمدّ يده وراء سطح المحدّد ، لم يمكن أن تذهب يده وتنبسط [٢٤٥ ظ] ، لا لمانع مقداريّ ، بل لعدم فضاء وجهة وبعد ، لانتهاء الجهات مع الأبعاد ؛ فكذلك عند عدم الزمان لا يمكن أن يقع شيء في ذلك العدم ، بحيث يتوسّط بين البارى تعالى وبين الزمان ، فيتأخر عنه تعالى ويتقدّم على الزمان تقدّما