قد أرجع النقيضين إلى الثبوت العدم الطارئ ورفعه. وإن أعيد النظر في رفع شيء ما من الأشياء مقيّدا بالطريان ، وقيل إنّه فرد من طبيعة الرّفع المساوق لمفهوم كلمة السلب مطلقا ؛ ونقيضه ، وهو رفعه أيضا فرد من تلك الطبيعة ، ارتكب أنّ نقيض الشيء قد يكون من أفراد ماهيّته [٤١ ظ] في نفسه. ومن هاهنا يتأسّس أنّ التناقض بهذا المعنى لا يتكرّر من جانبى النّقيضين ، إذ لا يكون مفهوم كلّ منهما رفع الآخر ، وأنّه لا يتحقق بين أكثر من مفهومين. فلا يكون شيئان ، مفهوم كلّ منهما شيء واحد بعينه.
[١٩] مدحضة [٤١ ب]
أنت على سلطنة التشكيك من قولك ، وإذن قد صار عدم العدم مقابل العدم ونوعه. وبينهما تدافع ، لأنّ النوعيّة توجب حمل ما هو الجنس على ما هو النوع مواطاة ، وعلى ما يحمل عليه النوع مواطاة أو اشتقاقا ذلك الحمل بخصوصه. فما أظهر أنّ عروض النوع بالأخصّ مطلقا لشيء يلزمه عروض الجنس أو طبيعة الأعمّ مطلقا له ، بل هو عينه. وما أسخف قول من قال : النوعيّة بحسب حمل المواطاة ومقتضاها الصّدق بحسبه والتقابل بحسب الحمل الاشتقاقىّ على ثالث. وسبيله [٤٢ ظ] امتناع الاجتماع بحسبه ، فلا يتنافيان ويدانيه في الفساد وسبيله [٤٢ ظ] امتناع الاجتماع بحسبه ، فلا يتنافيان.
ويدانيه في الفساد حديث من يسرد [صدر المدققين] أنّ موضوع التقابل هو مسمّى لفظ عدم العدم ، وهو لا عدم ، لا أنّه عدم ، فليس من أنواعه ، وموضوع النوعيّة نفس مفهومه ، وهو ما عيّن مسمّاه به في الذّهن ، والمسمّى قد يتناول ما عيّن هو به ، وهو الحاصل منه في الذّهن ، كالمفهوم ، فيطلق اللفظ الموضوع للمسمّى عليه حقيقة ، وقد لا يتناوله ، كاللّامفهوم ، إذ ما يحصل منه في الذّهن مفهوم ، فيطلق عليه اللفظ الموضوع لمسمّاه المقابل للمفهوم على سبيل التّوسع. [٤٢ ب] ، فلفظ عدم العدم يطلق على مفهومه في الذّهن ، وهو العدم المضاف إلى نفسه توسّعا ، وعلى مسمّاه الّذي هو موضوع التقابل ، وهو اللّاعدم حقيقة ، فيختلفان.
وكيف يفرّق بين المسمّى والمفهوم أفنسي ما تحقق عند أهل التحصيل ، وقد حصّله هو أيضا ، من أنّ الألفاظ إنّما توضع للصّور الذهنيّة بالذّات وللحقائق الّتي تلك عنوانات لها بالعرض ، ولم أهمل حيثيّتى الحملين الذاتىّ والعرضىّ ، ولم