يحصّل أنّ شيئا لا يسلب عن نفسه ، وكلّ مفهوم يحمل على نفسه بالحمل الأوّلىّ الذّاتىّ. إلّا أنّ طائفة [٤٣ ظ] من المفهومات تحمل على أنفسها بالحمل العرضيّ ، كالموجود المطلق والممكن العامّ والمفهوم والكلىّ وأمثالها ؛ وطائفة منها لا تحمل على أنفسها ذلك الحمل ، بل الحمل الأوّلىّ فقط ، كالجزئىّ واللّامفهوم واللّاممكن وعدم العدم وأشباهها. ولذلك اعتبر في وحدات التّناقض وحدة الحمل أيضا. ولا يجبّ عرق الشّبهة إلّا تكثير الحيثيّة التّقييديّة الموقعة تكثّرا في ذات الموضوع دون التّعليليّة ، كما يقال : إنّ النّوعيّة من حيث إنّه عدم مقيّد ، والتقابل من حيث إنّه رفع للعدم ، ولا يقرن بما يكثّر الجهة ، [٤٣ ب].
[٢٠] تذييل فيه هدم وتحصيل
أسمعت الّذي هو [الفاضل المحقق جلال الملّة والدين محمّد الدّوانىّ] بعيدىّ الغور يتفصّى بأنّ العارض للعدم هو حصّة من العدم محصّصة به تحصّص العارض بالمعروض. وهذا لا يقابل العدم ، بل هو نوع منه ومعروضه معدوم ، والمقابل له هو عدم العدم الّذي تحصّصه بالعدم سابق على العروض ، ويصير ، بعد اعتبار عروضه له عدم عدم العدم ، ومعروضه موجود. فالمعنيان متغايران.
ولا يتوهّم أنّ معروض الأخير إن لم يتصف بالعدم المطلق يحقّق المقيّد بدون المطلق ، وإن اتصف به كان موجودا ومعدوما ، لأنّه متصف به ، بمعنى أنّه سلب [٤٤ ظ] عنه شيء ما ، والمعدوم بهذا المعنى لا يقابل الموجود ، إنّما المقابل له هو بمعنى ما سلب عنه الوجود ؛ ويعترف بعدم حسمه لمادّة الشّبهة ، إذ لو قيل : إنّ عدم العدم الّذي تحصّصه بالعدم سابق على العروض عدم مقيّد بقيد ، فيكون نوعا منه ، ولا يجتمع مع العدم في الموضوع ، فيكون مقابلا له ، لتأتّى.
ثمّ يقول : الحقّ أنّ هذا المقيّد ، من حيث إنّه عدم مقيّد بقيد مع قطع النظر عن خصوصيّة القيد نوع منه ، ومن حيث إنّه رفع للعدم ، مقابل له. فالمنظور إليه [٤٤ ب] في الاعتبار الأوّل هو كونه عدما مقيّدا بقيد ، وفي الاعتبار الثاني هو كونه رفع العدم وسلبه. فالموضوع مختلف بالاعتبار ، كما يقال ، مثلا في معالجة الشخص نفسه : إنّه ، من حيث إنّه معالج ، غيره من حيث إنّه مستعلج. فالمؤثّر النّفس من حيث ما لها من