المفروضة. وأيضا لم يكن يمتنع بالنّظر إلى قدرة البارى الحقّ سبحانه أن يخلق الحركات الحادثة السّماويّة أكثر أدوارا في جهة الأزل ممّا قد خلقت عليه ومن كلّ مرتبة مفروضة بعينها للأكثريّة لا إلى نهاية وأن يلحق حركات متخالفة السّرعة والبطء ، منبتّة الاتّصال عند خلق العالم ، مسبوقة الوجود بحركات أخرى كذلك ، وهكذا إلى لا نهاية ؛ فيكون لا محالة يتوهّم من عند الخالق إلى أوّل الخليقة امتداد غير متناه تنطبق عليه تلك الأزمنة والأدوار والحركات المفروضة ، ولا يكون عدما محضا ، إذ يكون لا محالة لا يساويه بعضه ، ويصحّ تحليله إلى أبعاض تجرى بينها المفاوتة والمساواة.
فإذن ، إن هو إلّا ما سميّناه الزّمان القديم الممتدّ الغير المتناهي المقدار في جهة البداية، وليس له بدّ من حركة قديمة تكون محلّه وجسم قديم يكون موضوع محلّه ، فقد لزم بتّة قدم الخلق على فرض الحدوث. وهذا سبيل للتعضيل سلكه رئيس مشّائيّة الإسلام في «الشّفاء» و «النّجاة» وتوغّل فيه في «التعليقات».
خلسة ملكوتية
(٥ ـ إفاضة الجاعل التامّ على المجعول الحادث)
ونحن إذ أيّدنا الله بفضله وخصّنا بهداه ففككنا العقد وحلّلنا الشّكوك واستسهلنا العقبات ، نملى عليك بمنّه وإكرامه فنقول : أوّلا ، ليكن عندك من المستبين أنّه ليس من الواجب في سنن العليّة والمعلوليّة أن يقرن العلّة التامّة ومعلولها بحسب الوجود الزّمانىّ بحيث يجمعهما البتة زمان أو آن ، إلّا إذا كانت العلّة والمعلول كلاهما زمنيّين. وأمّا إذا كانت العلّة غير زمانيّة وبالقياس إلى الأزمنة والآنات قاطبة على نسبة متّفقة وسنّة واحدة ، فإنّما الواجب بحسب طباع تامّيّة العليّة احتشاد العلّة والمعلول معا في وقوع التّقرّر بالفعل بحيث يجمعهما الوجود الصّريح ووعاء الفعليّة المعبّر عنه بالواقع ، وبالجملة تخلّف المجعول عن جاعله التّامّ مستحيل ، زمنيّا كان الجاعل أو دهريّا أو سرمديّا ، ومادّيّا كان أو مفارقا.
ولكنّ التّخلّف المستحيل القائم على استحالته البرهان إنّما هو التّخلّف المكمّ ، وهو التخلّف السّيال والبعديّة المتقدّرة ، وكذلك التّخلّف الصّريح إذا كان من تلقاء