بحسب تقرّرها ووجودها لجاعلها. وأمّا الهيولانيّات الوضعيّة ، فبحسب وجودها في أنفسها مكانيّة وزمانيّة متخصّصة الهويّات بأوضاع وأمكنة وموادّ أو موضوعات وأزمنة أو آنات ، وبحسب تقرّرها ووجودها لجاعلها غير واقعة في شيء من ذلك.
فلذلك كلّ منها له في نفسه مدّة أو طرف مدّة ، وله في نفسه مادّة ، وليس بشيء منها بحسب صدوره عن الجاعل ووجوده بالقياس إليه وحضوره عنده تكتنفه غواشى المادّة. فماديّة المادّيات وزمانيّة الزمانيّات بحسب اعتبار ذواتها في حدّ أنفسها ، لا بحسب اعتبارها بالقياس إلى جاعلها المحيط بكلّ شيء ، وإنّما معلوميتها عين وجوداتها بلحاظها رابطيّة. فإذن ، هى فى أنفسهما هيولانيّات زمانيّات مختلفة بالمضىّ والاستقبال والحاليّة ، ومعلوميّتها الّتي هي عين وجودها الرابطىّ معقوليّة تامّة غير وضعيّة ولا زمانيّة.
وليس يصحّ أن يقال : إنّها معلومية زمانيّة بالعرض. وذلك ، كما قد استبان لك في أضعاف العلم [١١٢ ب] : أنّ كلّ شخصىّ من شخصيّات الكثرة المتّفقية الحقيقة مادّىّ الهويّة ، محسوس الذّات ، ونوعه المرسل متحد معه في التّقرّر والوجود ، متقرّر بعين تقرّره ، موجود بعين وجوده. وليس يصحّ أن يقال : إنّه مادّىّ بالعرض ، محسوس بالعرض ، بل إنّما يصحّ أن يقال إنّه مخلوط في الوجود بالمحسوس. وإضافات جاعليّة الجاعل الحقّ وعالميّته إلى مجعولاته ومعلوماته بغير نهاية ، مرّات غير متناهيّة. وهي بأسرها حاصلة بالفعل غير متعاقبة الحصول بالقياس إلى جنابه ، سبحانه. فكلّ يوم هو في شأن ، ولا يشغله شأن عن شأن. فهذا نمط من العجائب الملكوتيّة ، المحوج إدراكها ، بعد رفض الوهم وتنظيف الغريزة ، إلى توسيع العقل وتلطيف القريحة.
تقديس
(٨١ ـ مراتب علم الفيّاض سبحانه بتراتيب النظام)
علّك ، إذن ، قد تحقّقت : أنّ البارئ الفيّاض ، سبحانه ، يصبّ الفيض على «عالم الجواز» في وعاء التّقرّر الصّرف الّذي هو الدهر أبدا ، صبّة واحدة ، فلا يزال يفيض جملة العوالم معا مرّة واحدة غير زمانيّة. أمّا «عالم الحمد» ، أعني الأنوار العقليّة والجواهر الثّابتة ، ففى متن الأعيان ، لا في زمان ولا في آن. وأمّا «عالم الملك» ، أعني