المفروضة فيه موجود بتمامه ، ويكون في الآن الذي هو طرف ذلك الزّمان وليس بزمان معدوما أو ما يقع عدمه بتمامه في زمان ما بأن يكون في كلّ جزء من أجزاء ذلك الزّمان وفي كلّ آن من الآنات المفروضة فيه معدوما ، ويكون في الآن الّذي هو طرف ذلك الزمان وليس بزمان موجودا.
فهذا الوجه الأخير ليس يوجد فيه الشّيء أو يعدم قليلا قليلا. والأوّل أيضا كذلك ، وهو الّذي يكون وجوده (٢٧٠ ظ) أو عدمه في آن. لكن هذا الوجه يباين ذلك الوجه الأوّل : بأنّ ذلك قد فرض فيه الحكم في الآن الّذي هو نهاية الزّمان بالذّات ، كالحكم في جميع ذلك الزّمان اذا كان للحكم استمرار ، وفى هذا قد فرض الحكم في ذلك الآن مخالفا للحكم في ذلك الزمان من غير أن يوضع آن بعد ذلك الآن لابتداء المخالفة ، وإلّا لوقعت مشافعة بين آنات ، ولكان ذلك الآن هو الطّرف بالذّات.
وليس كلامنا الآن في أنّ هذا الوجه الثّاني يصحّ وجوده أولا يصحّ ، فإنّا لا نتكلّم فيه من حيث نصدّق بوجوده ، بل إنّما نلحظه من حيث يحمل عليه سلب ما ، أعني أنّه ليس يوجد أو يعدم قليلا قليلا ، وله في ذلك (٢٧٠ ب) شريك. فذلك الشّريك أخصّ من هذا السّلب ، والأخصّ لا يلزم الأعمّ ، وليس يجب أن يكون الشيء من حيث يتصوّر موضوعا أو محمودا بحيث يصدّق بتحقّقه أو لا يصدّق ، وقد علم هذا في صناعة المنطق.
فإذن قولنا : «ليس يوجد أو يعدم يسيرا يسيرا» ، الّذي هو مقابل قولنا : «يوجد أو يعدم يسيرا يسيرا» أعمّ من قولنا : «يوجد أو يعدم دفعة» ، بمعنى أنّه يكون حاله ذلك في آن مبتدأ ، وكذلك مقابل ما يوجد أو يعدم دفعة هو ما لا يوجد دفعة ، أى لا يوجد في آن مبتدأ أو لا يعدم كذلك ، وليس يلزمه لا محالة أنّه يوجد أو يعدم قليلا قليلا ، بل قد يصدق معه الذي بحسب الوجه المذكور (٢٧١ ظ).
فليس قولك : «إمّا أن يكون يسيرا يسيرا أو يكون دفعة في آن مبتدأ» ، أو قولك: «إمّا أن يكون دفعة أو يكون قليلا قليلا» صادقا صدق المنفصل المحيط بطرفي النّقيض أو المحيط بشيء ، وما يلزم نقيضه ، فقد تبيّنت الواسطة ، فاعتزل الوهم تتعرّفها.
تبيان
سبيل البرهان على تثليث القسمة وتحقّق هذه الواسطة ، على سياق ما في «الشفاء» ،