غير التقدّم الزمانىّ سمّوه التقدّم بالذات ، ووضع أنّ تقدّم عدم الزمان بل عدم [٢٣١ ظ] الشيء مطلقا على وجوده من قبيل ذلك أخرى» ، فأوهام ضعيفة لا تسمن ولا تغنى من جوع.
[٣٠] استقصاء فلسفىّ
نقول ، على سبيل ما قاله الشيخ في «الشفاء» وغيره : إنّما يكون الشيء في الزمان على الأصول التي سلفت بأن يكون له معنى المتقدّم والمتأخّر اللذين من جهة التغيّر. وكلّ ما له في ذاته ذلك المعنى ، فهو إمّا حركة أو ذو حركة. أمّا الحركة فذلك لها من تلقاء وجودها وأمّا المتحرّك فذلك له من تلقاء الحركة. وقد يقال لأنواع الشيء ولأجزائه ولنهاياته إنّها في الشيء.
فاذن ، المنتسبات إلى الزمان [٢٣١ ب] بالفيئيّة ، على معنى أنّ وجودها يكون في الزمان ، هي أمّا أوّلا ، فأقسامه ، وهي الماضى والمستقبل والساعات والأيّام والشهور والسنون وأطرافه ، وهي الآنات ؛ وأمّا ثانيا ، فالحركات ؛ وأمّا ثالثا ، فالمتحرّكات. فالمتحركات فى الحركة ، والحركة فى الزمان ، فالمتحرّكات بوجه ما في الزمان.
وكون الآن فيه ككون الوحدة في العدد ، وكون الساعات والأيّام والماضى والمستقبل فيه ، ككون أنواع العدد ، من الاثنين والثلاثة والأربعة ولوازمها من الزوج والفرد فيه ، وكون الحركة فى الزمان لكون العرض المعروض لعدد في ذلك العدد ، كالعشرة الأعراض [٢٣٢ ظ] في العشريّة ، وكون المتحرك فيه ككون موضوع العرض المعدود في العدد ، كالموضوع للأعراض العشرة في العشريّة والذوات الحادثة أيضا في الزمان ، لاختصاصها بأزمنة مخصوصة ، وكونها في الزمان أيضا ككون معروض نوع العدد في العدد.
وأمّا ما هو خارج عن هذه الجملة ، كالأمور التي لا تقدّم فيها ولا تأخّر من جهة التغيّر بوجه ، فإنّه ليس في الزمان أصلا وإن كان مع الزمان. فليس كلّ ما وجد مع الزمان فهو فيه. أفليس الإنسان موجودا مع الخردلة وليس فيها ؛ وما له تقدّم وتأخّر من جهة [٢٣٢] لا من جهة ما هو ذات وجوهر ، كالفلك فهو من جهة ما لا يقبل تقدّما وتأخّرا ليس في زمان ، وهو من الجهة الأخرى في الزمان.