فهل تظنّ بمثله أن يناقض نفسه في عدّة أسطر. ومن توهّم التوفيق بأنّ المراد بهذا الأخير أنّ وجودها في الخيال على نحو وجود الأشياء في الماضى. ألم تتفطّن أنّ عدم قرار الذّات إنّما يتمّ إذا لم تجتمع الأجزاء في الوجود والبقاء معا.
ثمّ إنّ الشيخ سيعلن بتحقيق وجود الزمان الممتدّ ولا يتصوّر إلّا بوجود الحركة الممتدّة ، إذ هو مقدارها ، فتبصّر وتصرّف من ذلك معنى قول بهمنيار أيضا في («التحصيل» ، ص ...) : «أنّ الوهم يقيس الحركات المنقضية بأناس ، يجتاز واحد منهم أثر الواحد ، فيجتمعون في مكان [٩٥ ب] واحد ، وليس الحال في الحركات كذلك ، فقد أعلن بأنّ المنفىّ هو الاجتماع في الوجود والبقاء ، فاستقم كما امرت».
[١٤] استصباح
العادّ الحقيقىّ هو أوّل معط للشيء معنى الوحدة ، ومعط له الكثرة بالتكرير ، والآن الذي وصفناه يعدّ الزّمان بما يحدث إذا أخذنا آنا من الآنات التي هي حدود ، لأنّه حينئذ يجعله ذا عدد بما يفيده من التّقدّم والتأخّر. فإنّا إذا أخذنا آنات إزاء لحدود المسافة حدثت في الزّمان تقدّمات وتأخّرات معدودة ، كالنقط بعد الخطّ ، بأن يكون كلّ نقطة مشتركة بين خطّين بإضافتين ، [٩٦ ظ] وما لم يكن آن لم يتعدّد الزمان ولم يكن متقدّم ولا متأخّر ، والمقدّمات والمتأخّرات تعدّ الزمان على أنّها أجزاؤه ؛ وكلّ جزء من أجزائه ، فإنّ من شأنه الانقسام ، كأجزاء الخطّ فإذن أولى يوصف بأن نسبته إلى الزمان تشبه نسبة الوحدة إلى العدد إنّما هو الآن [أعنى السيّال ، منه رحمهالله] ، وأجزاء الزمان متشابهة بالحقيقة مختلفة بالقبليّة والبعديّة بالنسبة إلى الآن المحفوف بجزءين من تلك الأجزاء أو إلى الزمان الذي حواليه. فالأقرب من أجزاء الماضى إليه بعد ، والأبعد قبل ، وفي المستقبل بالعكس. ولو لا الحركة بما تفعل [٩٦ ب] في المسافة من حدود التقدّم والتأخّر للزمان ، لما وجد للزمان عدد ، على ما تكرّر ذكره سابقا.
ثمّ إنّ الزمان يقدّر الحركة ، والحركة أيضا تقدّر الزّمان. لكن هو يقدّرها على وجهين ، بأن يجعلها ذات قدر ، وبأن يدلّ على كميّة قدرها ، وهي تقدّره على وجه واحد فقط ، بأن تدلّ على قدره بما توجد فيه من المتقدم والمتأخّر ، فإنّ الدلالة على القدرة ، تارة تكون كما يدلّ المكيال على المكيل ، وكذلك تارة تدلّ المسافة على