فإذن ، ليس من شرط تعلّق الشّيء بالعلّة أن يكون وجوده من بعد العدم ، بل أن لا يكون هو ومقابلة ضروريّا له بذاته. فكما الممكن الموقّت بزمان ما يستند إلى الفاعل ، فكذلك المستوعب لقاطبة الأزمنة. وكما الحادث الدّهريّ صنع الجاعل ، فكذلك الممكن لو صحّ أن يسترمد أزلا ، على ما قد اختلقته متهوّسة الفلاسفة ، لكنّ الفحص الغائر قد أحاله ، وكما أنّ المعلول يتعلّق في حدوثه بالعلّة ، فكذلك في بقائه في الدّهر أو في الزّمان.
أليس الواجب لا بذاته ، بل بالغير ، أعمّ في نفسه بحسب المفهوم من الواجب بالغير بعد العدم ، أو لا بعده ومن الواجب بالغير في ابتداء الحصول فقط أو في البقاء أيضا بقاء دهريّا أو استمراريّا. والتعلّق بالغير يحمل عليه وعلى كلّ منها جميعا. وما يحمل على معنيين مترتّبين بالأعميّة والأخصيّة مفهوما ، فإنّه يلحق الأعمّ بذاته أوّلا ثمّ الأخصّ بعده وبسببه ، إذ هو ليس يلحق الأخصّ إلّا وقد لحق الأعمّ ، وربّما يلحق الأعمّ من دون الأخصّ ولو كان لحوقه للأخصّ بذاته بحيث يكون للخصوصيّة بعينها حظّ من مصححيّة اللحوق ومدخل في مناطيّته ، لما [١٨ ب] صحّ أن يلحق غيره أصلا ، فينخرق الفرض ، فإذن ليس لحوقه بالذّات إلّا للقدر المشترك.
ومن العجب : أنّ مستنكرة هذه القوانين يساعدون على إسناد العدم إلى العلّة ، من غير اشتراط الحدوث ، مع أنّ نسبة الطّرفين إلى الماهيّات الجوازيّة على شاكلة الاستواء.
إيماض
(٢٠ ـ طباع المجعولية للحادث)
كما أنّ طباع المجعولية لا يستوجب أن يكون بعد اللّامجعولية وعلى التّوقيت بشطر بعينه من الزّمان ، فكذلك طباع الجعل ليس يستدعى أن يكون بعد اللّاجعل وعلى التأقيت. فكما الذّات المجعولة غير حدوث الذّات ، فكذلك الجعل غير ابتداء الجعل والاسم، كالفعل والجعل والصنع للطباع المشترك ، بل كلما كان التأثير أدوم وأبقى كان الفاعل أفعل وأصنع.
وكون الفاعل مختارا ، ليس يستوجب السبق الزّمانىّ أو الدّهريّ البتّة ، بل إنّما تقدّم الإرادة تقدّما بالذّات ، والإيجاد إنّما هو حالة الوجود ، ولكنّ للذات المرسلة لا بشرط الوجود والعدم ، وإنّما تحصيل الحاصل الباقى بنفس التّحصيل الأوّل لا