العقل أصلا أو لم يعر ، فيلزم أن تعرضه الهيئة التي هي القائمة قطعا ، وهو ممتنع هناك. فالذهاب إلى الكيفيّة لا ينجى ، بل لا يجدى أصلا. (٢٨٠ ظ) على أنّ الرّياضيّين يجعلون الزّاوية من مقولة الكم ، والإشكال عليهم والصّفرة غير متوسّطة بين الفستقيّة والسّواد ، ولا واقعة في مسلك الانتقال من البياض إلى السواد من طريق الفستقيّة ، فإنّ لذلك الانتقال مسالك شتّى وفي كلّ متوسّطات وفي السّلوك إنّما يجب البلوغ إلى المتوسّط لا غير ، فلا يقاس عليها حال القائمة المتوسّطة بين الحادّة والمنفرجة.
تنوير وحلّ
أليس من المستبين لديك أنّ الطفرة إنّما هى ترك حدّ من حدود ما فيه الحركة ونيل حدّ آخر منها بالحركة التدريجيّة من دون البلوغ إلى حدّ يتوسّطهما. فاذا انضمّ إلى مقدار ما (٢٨٠ ب) مقدارا انضماما ما تدريجيّا من غير أن ينضمّ إليه أوّلا ما هو أقلّ من ذلك المقدار هناك طفرة. وأمّا إذا فارق الشّيء مقدارا ونال مقدارا آخر عظيما ، لا على سبيل التّدرّج ، فلا يلزمه أن يكون ذلك من بعد البلوغ إلى ما هو أقلّ منه ، فإنّه إنّما يرجع إلى انعدام فرد من المقدار وحدوث فرد آخر عظيم من كتم العدم ابتداء. وهو لا يستوجب أن يكون ذلك مسبوقا بحدوث ما هو أصغر منه.
وأما استبان لك ممّا تأسّس أنّه إذا تحرّك خطّ عن الانطباق على خطّ آخر مع ثبات انطباق أحر طرفيه على أحد طرفي ذلك الآخر يحدث بينهما زاوية لا على التّدرّج (٢٨١ ظ) ، بل حدوثا زمانيّا في نفس مجموع الزّمان الّذي هو بعد آخر آنات الانطباق ولا يكون لها آن أوّل الحدوث.
فإذن قد اكشف عليك أنّ زاوية القطر والمحيط ليست تتعاظم على التّدريج إلى أن تصير منفرجة ، بل تحدث المنفرجة في جميع زمان حركة القطر مرّة واحدة ، لا على أن يختصّ ابتداء حدوثها بآن ، إذ الحادّة المستقيمة الخطّين الحادثة بين القطر المتحرّك والقطر المفروض ثابتا تحدث كذلك وتنضمّ إلى زاوية القطر والمحيط انضماما لا على التّدريج ، بل مرّة واحدة في نفس ذلك الزّمان وكلّ آن مفروض (٢٨١ ب) فيه.
فلا طفرة فى تلك الأعظميّة الحادثة مع الحركة التوسّطيّة للقطر وبسببها ، فإنّها تتوقّف في تحقّقها على تحقّق حركة ما قطعيّة ، لا بأن تنطبق على قدر ما منها أصلا. فإذن قد