حكمت أنّ الفعل قد انبعث عن القوّة اللّيس والتّقرّر عن الهلاك والبطلان ، إذ ليس إلّا ذوات باطلة ، وقد حقّت الفعليّة. فإذن يلزم انبعاث الشّيء عمّا هو في قوّة نقيضه.
وهذا أسلوب بحسب هذا الموضع بإزاء الأسلوب الّذي في حيّزه الطّبيعيّ ، وهو أنّ الشّيء ما لم يجب تقرّره لم يتقرّر ، وما لم يجب وجوده لم يوجد.
فإذا انحصر التّقرّر في الذّوات الجائزة ، ولم يكن في الوجود حيثيّة الوجوب بالذّات ، يستبين باللّحاظة الإجماليّة انبعاث ضرورة أحد الطّرفين عن لا ضرورة الطّرفين ، وذلك كانبعاثها عن ضرورة ذلك الطّرف بخصوصه ، بل أفحش منه من وجه. فإذن يجب الانتهاء إلى واجب التقرّر والوجود بالذّات ، وهو مبدأ المبادى.
ثمّ بالبيان المتقدّم يستشعر : أنّ الحقيقة الجوازيّة ، إذ هي بما هي على طباع الإمكان ، على أفق القوّة الصّرفة وعلى شفا جرف هار من اللّيس المطلق ، ليس يسع وسع منّتها أن يكون مبدأ الإيجاب والإيجاد ، بل إنّما الهويّات الإمكانيّة تجري مجرى الرّوابط والشّرائط.
وهناك بيانات أخرى على ذمّة حيّزها الطّبيعىّ ، كبرهان الوسط والطّرف النّافذ الحكم في السّلسلة الدّوريّة وفي سلسلة تسلسليّة ، وبرهان امتناع العدم الواثق الرّصانة في اثبات المفيض الحقّ وفي سلب وسع الإفاضة رأسا عن طباع الإمكان ، وغيرها من البراهين الوثيقة الرّصينة.
سياقة تشريقية
(٩ ـ العقل الفعّال والجوهر العاقل البشريّ واستكماله)
ثمّ الفحص هناك يساق إلى إثبات الجوهر القدسيّ المعبّر عنه بالعقل وبالعقل الفعّال. أليس تراكم القوّة على قصيا المراتب يحجز الحقيقة المتراكمة القوّة عن الاقتراب في سلسلة الوجود من الفعل المحض اللّامتناهي الفعليّة والكمال الّذي هو التّامّ الحقّ بذاته من كلّ ماهيّة كماليّة وفوق التّمام ، ويعوقها عن الاستناد إليه من بدء الأمر لا بوسط يناسب الطّرف الأعلى والطّرف الأسفل كلّا من جهة.
أما عندك من الحدسيّات ، بل من الفطريّات : أنّه ما لم يكن بين ذاتي العلّة والمعلول خصوصيّة ارتباطيّة ليست هي بين سائر الذّوات ، لم يتعيّن هي من بين